وفي السنة التالية أشاع المنجّمون : أنه في السنة القادمة تكثر الأمطار فتزيد المياه في الأنهار حتى يغرق العراق إلّايسيراً من بابل! فقلّت الأمطار وغارت المياه حتى دجلة حتى استسقى الناس ببغداد عدة مرّات (١).
حمْدان جدّ الحمْدانيين :
هو حمدان بن حمدون بن الحارث بن منصور بن لقمان التغلبي ، جدّ ناصر الدولة الحسن بن عبد الله الحمداني ، جمع جمعه وبنى لهم قلعة سمّاها بالصوّارة (أو ماردين) على عين الزعفران وأنفق عليها أموالاً جليلة وتحصّن بها ، فقصده المعتضد بعسكره حتى نزل عند القلعة ، فاستأمن إليه ابن حمدان : الحسين ، ومن معه من أصحابه ، وخرّب المعتضِد القلعة (٢). وضمّ الحسينَ بن حمدان إلى عسكره ، كان ذلك عام (٢٨١ ه).
وفي (٢٨٣ ه) خرج المعتضد بعسكره إلى تكريت لحرب هارون الشاري الخارجي ، وأخرج معه الحسين بن حمدان وسيّره لحرب الشاري ، فكانت بينهم حروب عظيمة انتهت بغلبة ابن حمدان على الشاري وأسره وأخيه بغير أمان. فألبسه درّاعة ديباج وجعل على رأسه برنس خزّ طويل وأركبه فيلاً ، وألبس أخاه مثله وأركبه على بعير ذي سنامين. وعبّأ المعتضد بالله جيوشه بباب الشماسيّة ببغداد أحسن ما يكون من التعبئة وأكمل هيئة ، ونُصبت له القباب وزُيّنت له الطرقات ، فشقّوا بغداد إلى القصر الحسني ، ودخل المعتضد بقباء أسود وقلنسوة
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول : ١٥١ ، وتاريخ ابن الوردي ١ : ٢٦٣ كلاهما في عام (٢٨٤ ه).
(٢) مروج الذهب ٤ : ١٥٧.