لم يكن الرضا عليهالسلام راضياً بالعهد :
أسند الصدوق عن الريان بن الصلت الأشعري القمي : أنّه سمع بعض الناس يقولون في الرضا عليهالسلام : أنّه مع إظهاره الزهد في الدنيا قبِل بولاية العهد! أي قد تحقق ما قاله عليهالسلام عن نية المأمون. فدخل عليه الأشعري القمي وحكى له ما يقول الناس ، فقال عليهالسلام :
«قد علم الله كراهتي لذلك ، فلمّا خُيّرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ؛ ويحهم ؛ أما علموا أنّ يوسف عليهالسلام كان نبياً رسولاً ، فلمّا دفعْته الضرورة إلى تولّي خزائن العزيز قال له : (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (١)) وأنا دفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك! على أني ما دخلت في هذا لأمر إلّادخول خارج منه! فإلى الله المشتكى وهو المستعان» (٢).
ودخل عليه رجل وقال له : أصلحك الله ، كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟!
فقال له : يا هذا ، أيهما أفضل : النبيّ أو الوصي؟ فقال : لا ، بل النبيّ. قال : فأيهما أفضل : مسلم أو مشرك؟ قال : لا ، بل مسلم. قال : فإنّ عزيز مصر كان مشركاً ، وكان يوسف نبياً ، وإنّ المأمون مسلم وأنا وصي! ويوسف سأل العزيز أن يولّيه حين قال : (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وأنا اجبرت على ذلك (٣).
__________________
(١) يوسف : ٥٥.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٣٩ الباب ٤٠ ، الحديث ٢ ، وعلل الشرائع ١ : ٢٧٩ ، الباب ١٧٣ ، الحديث ٣ ، وفي الأمالي : ١٣٠ ، الحديث ١١٨ ، المجلس ١٧ ، الحديث ٣.
(٣) المصادر السابقة ، وتفسير العياشي ٢ : ١٨٠.