وكان القوّاد والناس على الباب قد تزينوا وتهيّؤوا بأحسن هيئة بأسلحتهم ، فلمّا طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمّرنا ، وطلع الرضا عليهالسلام ، وقف عند الباب وقفة ورفع رأسه إلى السماء ونادى : «الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا» رفع بذلك صوته ، ورفعنا معه أصواتنا بذلك ، فتساقط القواد عن دوابّهم ورموا بخفافهم وتجاوبوا معنا حتّى خُيّل إلينا أن الحيطان والهواء تجاوبه ، وتزعزعت مرو من الصياح وصارت ضجة واحدة ، ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج!
فكان أبو الحسن عليهالسلام كل عشر خطوات يقف وقفة ويكبّر أربعاً!
فقال الفضل بن سهل للمأمون : يا أمير المؤمنين ، إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس (١) وخفنا كلّنا على دمائنا!
فبعث إليه المأمون : قد كلّفناك شططاً ، ولسنا نريد أن يلحقك أذى! فارجع ، وليصلّ بالناس من كان يصلي بهم على رسمه! وكان قد بلغ الرضا عليهالسلام إلى مسجد «خركاه تراشان» (؟) فدخل إليه وصلّى فيه ، وكان مواليه قد حملوا خُفّه فلبسه ، وأحضروا له فرسه فركبه وانصرف. فاختلف أمر الناس ولم ينتظم في صلاتهم (٢).
فهو عليهالسلام لم يحضر صلاة العيد مأموماً ، نعم كان يحضرها مأموماً يوم الجمعة في المسجد الجامع في مرو ، فإذا رجع وقد أصابه العرق والغبار رفع يديه ودعا : «اللهم إن كان فرجي مما أنا فيه بالموت فعجّل لي الساعة» (٣).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٤٩ ـ ١٥١ ، الحديث ٢١.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٤١ بالإسناد نفسه.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٥ ، الباب ٣٠.