وكان بُغا الصغير قد عزم على أن ينحدر إلى سامرّاء سرّاً فيصل إليها ليلاً ، وكان يحمل معه أموالاً يريد أن يصرف بها الأتراك عن المعتزّ عليه. وكان المعتزّ في حياة بُغا يلازم سلاحه لا يخلعه عن نفسه ليلاً ولا نهاراً خوفاً منه ويقول : لا أزال على هذه الحال حتى أعلم هل رأسي لبُغا أو رأسه لي! فإني لأخاف أن ينزل عليَّ بُغا من السماء أو يخرج عليَّ من الأرض! فلمّا حصل على رأسه أحدره إلى بغداد فنُصب على الجسر بها (١) وكان ذلك في آخر ذي القعدة سنة (٢٥٤ ه) وبقتل بُغا غلب على المعتزّ صالح بن وصيف الأحمر (٢).
وخاف المعتزّ من محمد بن هارون الواثق الملقّب بالمهتدي ، فاعتقله وحمله إلى بغداد سجيناً (٣).
بل وخاف المعتزّ من وثوب الأتراك عليه فلكي لا يختلس الأتراك أحد العباسيين من أولاد الخلفاء ومن غيرهم ، أشخص من كان منهم بسامرّاء إلى بغداد (٤).
المصريون وأحمد بن طولون :
قال اليعقوبي : كان بمصر أبو صحبة شقير الخادم يتولّى ضياعاً في أقطار مصر والبريد وما يستعمل للسلطان من المتاع ، وكان عامل الخراج بها أحمد بن المدبّر ، فلمّا قدمها أحمد بن طولون أفسد أبو صحبة بصحبته ما بينهما
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٩١ ، ٩٢.
(٢) التنبيه والإشراف : ٣١٦.
(٣) مروج الذهب ٤ : ٩٢.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٣.