الوزير ابن خاقان والعسكري عليهالسلام :
قال المسعودي : لمّا أفضت الخلافة إلى المعتمِد على الله استوزر عبيدَ الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل سابقاً (١).
فروى الكليني عن ابنه أبي بكر أحمد بن عبيد الله وهو على الخراج والضياع بقم ، قال : إني كنت يوماً قائماً على رأس أبي وهو في يوم مجلسه للناس ، إذ دخل عليه حُجّابه فقالوا له : أبو محمد ابن الرضا بالباب. فرفع صوته وقال : ائذنوا له! ولم يكن يكنّى عند أبي إلّاخليفة أو وليّ عهد أو من أمر السلطان أن يكنّى ، فتعجّبت من أنهم جسروا على أن يكنّوا رجلاً عند أبي بحضرته!
فدخل رجل أسمر حسن القامة جميل الوجه جيّد البدن ، حدث السنّ ولكن له جلالة وهيبة! ولمّا نظر إليه أبي قام يمشي إليه خُطا ، وما رأيته يفعل ذلك بأحد من القواد وبني هاشم (بني العباس) فلمّا دنا منه عانقه وقبّل وجهه وصدره ، وأخذ بيده وأجلسه على مصلّاه الذي كان هو عليه ، وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه ، وأخذ يكلّمه ويفدّيه بنفسه ، وأنا متعجب ممّا أرى منه!
إذ دخل عليه الحاجب فقال له : الموفّق قد جاء! فلم يزل أبي مقبلاً على أبي محمد العسكري يحدثه ، حتى رأى الغلمان من خاصة قوّاد الموفّق دخلوا ووقفوا سِماطين بين باب الدار إلى مجلس أبي ، فحينئذٍ قال أبي لأبي محمد : إذا شئت جعلني الله فداك (أن تخرج) ثمّ قال لحجّابه : خذوا به خلف السِماطين حتى لا يراه هذا! يعني الموفّق. فقام وقام أبي وعانقه ومضى.
فسألت حجّاب أبي : ويلكم مَن هذا الذي كنّيتموه على أبي! وفعل به أبي هذا الفعل إكراماً!
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١١١ ، والتنبيه والإشراف : ٣٢٠.