المعتز وإخوته عام (٢٥٢ ه):
وفي سنة (٢٥٢ ه) رُفع إلى المعتز أنّ أخاه المؤيد قد استمال إليه جمعاً من الموالي وهم يدبّرون عليه ، فأحضره وطالبه بخلع نفسه من ولاية العهد فأبى ، فأمر المعتزّ بضرب أخيه المؤيد فضُرب أربعين عصاً! فأجاب الطلب ، فأحضر المعتزّ جمعاً وأشهدهم عليه بذلك ومع ذلك حبسه! فرُفع إليه أنّ جمعاً من الأتراك اتفقوا على إخراج المؤيد من حبسه ، فيقال : إنه أمر فأدرجوه في لحاف سمّور وشُدّ طرفاه حتى مات فيه خنقاً ، ثمّ أحضر الفقهاء والقضاة منهم حتى رأوه ولا أثر فيه لآخر شهر رجب (٢٥٢ ه) ورتّب في مكان المؤيد لولاية عهده أخاه لأبيه وأُمه إسماعيل بن المتوكل لأوائل شعبان سنة (٢٥٢ ه).
وكتب المعتزّ إلى أحمد بن طولون بقتل المستعين فامتنع ابن طولون (١) وقال : والله لا أقتل أولاد الخلفاء! فانتدب له حاجبه سعيد بن صالح المجوسي (أبوه) (٢) فطلب المعتزّ منه أن يحمل ابن طولون المستعين إليه إلى القاطول ويسلّمه إلى حاجبه سعيد بن صالح (٣).
ففي شهر رمضان سنة (٢٥٢ ه) بعث المعتز بالله حاجبه سعيد بن صالح ليتلقّى المستعين. وقبله كان قد أرسل شاهك الخادم ليكون في جملة حملته من واسط ، فذكر شاهك قال : كنت أنا عديله في المعمارية ، فلمّا وصلنا (القادسية من) القاطول تلقانا جيش كثير! فناداني المستعين : يا شاهَك انظر مَن رئيس القوم؟ قلت : هو سعيد بن صالح الحاجب ، فاسترجع وقال : والله لقد ذهبت نفسي وأخذ يبكي ، فلمّا قرب منه سعيد أخذ يقنّعه بسوطه حتّى أضجعه إلى الأرض
__________________
(١) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٢٢.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٢٠.
(٣) ابن الوردي ١ : ٢٢٢.