قضاة مصر والعاصمة :
كان على قضاء مصر من عصر المأمون أبو بكر محمد بن أبي الليث ، والحارث بن مسكين من أصحاب مالك ولم يقل بخلق القرآن فسُجن ، فبعث المتوكل إلى عامل مصر أن يطلقه ونصبه قاضياً وعزل ابن أبي الليث ، وأمر القاضي الجديد ابن مسكين المالكي أن يحلق لحية القاضي السابق ابن أبي الليث ويضربه ويطوف به على حمار! ثمّ أخذ كل يوم يضربه عشرين سوطاً ليهينه وبعنوان استرداد الظلامات إلى أهلها (١)!
ومرّ الخبر لأوائل عهد المتوكل في سنة (٢٣٣ ه) أنّ أحمد بن أبي دؤاد الإيادي القاضي اعتلّ بالفالج ، وبطل لسانه فلا يتكلم ، وكان ابنه محمد متفقّهاً يُعرف بأبي الوليد فولّاه مكانه ، واليوم في سنة (٢٣٨ ه) أي بعد خمس سنين سخط عليه وعلى أبيه فعزله وصادر أموالهما وضياع أبيه وردّهما إلى بغداد. ومع أنّ يحيى بن أكثم التميمي البصري كان قاضي المأمون ، استقدمه المتوكل وولّاه قضاء القُضاة. ثمّ تنبّه لذلك فعزله وولّى بدله جعفر بن عبد الواحد الهاشمي العباسي (٢).
ففي فترة قضاء ابن أكثم على عهد المتوكل ، أرسل سبط ابن الجوزي قال : قال يحيى بن (أكثم) تذاكر الفقهاء يوماً بحضرة المتوكل : مَن حلق رأس آدم (في حجّه)؟ فلم يعرفوا! فقال المتوكل : أرسلوا إلى عليّ بن محمد بن الرضا! فأحضِروه. فأحضروه وسألوه فقال : عن أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٠٧ ، ٤٠٨ وهكذا انتشر مذهب مالك هناك وفيما والاها!
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٨٥ و ٤٨٩ ، وفي مصادرة أموالهما وهلاكهما عام (٢٤٠ ه) راجع مروج الذهب ٤ : ١٤.