وحركة الحنابلة عام (٣٢٣ ه):
وفي سنة (٣٢٣ ه) عظم أمر الحنابلة وقويت شوكتهم ، فصاروا يكبسون الدور من العامة والقواد فإن وجدوا نبيذاً أراقوه أو مغنيّة ضربوها وكسروا آلة غنائها ، حتى شغبوا ببغداد.
فخرج توقيع الراضي ليُقرأ على الحنابلة وفيه : إنكم تارة تزعمون أنّ صورة وجوهكم السمجة القبيحة على مثال ربّ العالمين ، وتذكرون له الكفّ والأصابع والرجلين والنعلين الذهب والشعر القطط! والنزول إلى الدنيا! فلعن الله شيطاناً زيّن لكم هذه المنكرات.
فأمير المؤمنين (الراضي بالله) يُقسم بالله إليّةً يلزمه الوفاء بها لئن لم تنتهوا عن مذموم مذهبكم ومعوجّ طريقكم هذه ليوسعنّكم ضرباً وتشديداً وتبديداً وقتلاً! وليستعملن السيف في رقابكم والنار في محالّكم ومنازلكم (١).
مقتل مرداويج بيد جنده :
قال ابن الوردي : في ليلة الميلاد (؟) من هذه السنة (٣٢٣ ه) أمر مرداويج وهو في إصفهان أن يجمع في خارجها حطب مثل التلال بل الجبال ، وأمر بسماط عظيم يذبح له ألف رأس بقر ونحوه من الغنم ، وأن يجمع أكثر من ألفي غراب ليعمل في أرجلها النفط! للاحتفال. فلمّا أصبح وأراد أن يدخل إلى إصفهان اجتمع حول خيمته جنده الأتراك وكثر صهيل خيولهم ، فاغتاظ لذلك وأمر أن توضع سروجها على ظهور أصحابها فيدخلوا إصفهان كذا! ففُعل بهم ذلك فحنق الأتراك عليه. ورحل هو إلى إصفهان ودخل الحمام ، فانتهز الأتراك تلك الفرصة
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول لابن العبري : ١٦٢ ، ١٦٣ ، ومثله في تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٥٨.