إنّ هذا أمر غليظ فاطلبوا هذا الرجل ، دسّوا إليهم قوماً لا يعرفون ، بأموال ، فمن قبض منهم شيئاً قُبض عليه!
فخرج إليهم من الناحية المقدّسة : بأن يتجاهلوا الأمر ويمتنعوا ولا يأخذوا من أحد شيئاً.
فبثّوا الجواسيس ، ولمكان ما كان تقدم إليهم امتنع الوكلاء كلّهم ، ومنهم محمد بن أحمد (؟) اندسّ إليه رجل وخلا به وقال له : معي مال أُريد أن أُوصله. قال له محمد : أنا لا أعرف من هذا شيئاً. فلم يزل الرجل يتلطّفه ومحمد يقول : إنك قد غلطت ، ويتجاهل عليه (١).
غارة بني طيِّئ على الحجّاج :
كان من تكاليف الأُمراء تأمين السُبل ولا سيما سُبل الحجّاج ذهاباً وإياباً ، وكان للمعتضد غلامان يسميّان بجيء ، فكان قد جعل الكبير لتأمين سُبل الحجاج. وفي سنة (٢٨٥ ه) اجتمع جمع عظيم من قبيلتي سَنبس ونبهان من عشائر طيِّئ وعليهم صالح بن مدرك الطائي ، في الموضع المعروف بقاع الأجفر ، وقطعوا السبل على الحجّاج وأخذتهم سيوفهم فقتلوا خلائق منهم ، وأخذوا منهم نحواً من ألفي ألف (مليونين) ديناراً ، ومات منهم خلائق بالعطش.
وبلغ ذلك جيء الكبير فخرج بعسكره لحرب صالح بن مدرك ، فكانت له مع صالح ومن معه من الطائيين حروب عظيمة (٢).
وفي سنة (٢٨٦ ه) كان صالح بن مدرك قد خرج ببني طيِّئ إلى ناحية فَيد إلى مكة ، وكان المعتضد قد أغار عليهم أبا الأغر السُلمي ، فظفر أبو الأغر بصالح
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٥٢٥ ، الحديث ٣٠ وانظر تاريخ الغيبة الصغرى للصدر : ٦٢٩.
(٢) مروج الذهب ٤ : ١٧٢.