بعض سيرة المهتدي :
قال اليعقوبي : وظهرت من المهتدي سيرة حسنة ومذاهب محمودة ، جلس للمظالم بنفسه ، وباشر الأُمور بجسمه ، ووقّع في قصاصات الناس (عرائضهم) بخطّه ، وأبطل الملاهي ، وقدّم أهل العلم ، وأقام أياماً كثيرة يلبس لُبسة واحدة فيقيم عليها لا يغيّرها. وكتب بالأمان لجميع المتحركين والمتغلّبين ، ومنهم عيسى بن الشيخ الربعي (الشيباني) فكتب إليه بمثل ذلك شريطة أن يحمل إليه ما قبله من أموال مصر وغيرها ، فامتنع.
فكتب إلى ابن طولون بالمسير إليه لقتاله ، فسار إليه إلى العريش بمصر إذ ورد عليه كتاب المهتدي بالانصراف عنه فانصرف عنه بلا قتال. وخرج إليه أماجور التركي عامل دمشق فهزمه أماجور ، فحمل ابن الشيخ عياله إلى قلعة له في صور فتحصّن بها.
وأخرج قبيحة أُمّ المعتزّ مع ابنها عبد الله ، وأبا أحمد وإسماعيل ابني المتوكل إلى مكة (١).
وقال المسعودي : جلس المهتدي للمظالم بنفسه ، بل بنى لها قبة سمّاها قبّة المظالم لها أربعة أبواب للخواص والعوام ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وحرّم الشراب ، ونهى عن القيان ، وأظهر العدل. وكان يحضر كل جمعة إلى المسجد الجامع ويخطب الناس ويؤمّهم ، فثقلت وطأته على الخاصة والعامة لحمله إياهم على طريق الشرع وسئموا أيامه (٢).
وقال : وكان ورعاً كاد أن يكون في بني العباس مثل عمر بن عبد العزيز في
__________________
(١) اليعقوبي ٢ : ٥٠٥.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٢٦.