وكان ذلك سنة (٢٤٤ ه) وقد مرّ الخبر عن إعجابه بجواب الهادي عليهالسلام بمحضر المتوكل فلعلّه أضمرها له من يومئذ.
وفي سنة (٢٤٥ ه) ساخ جبل من ساحل أنطاكية في البحر ، وعمّت الزلازل فخربت القناطر والقلاع والمدن. وزلزلت مصر وسُمعت من السماء أصوات هائلة بناحية بلبيس من مصر حتّى مات منها خلق من أهلها! وغارت عيون مكة فأرسل المتوكل مئة ألف دينار لإجراء الماء إليها من عرفات (١).
موسى بن محمد بن الرضا وابن الرضا :
يظهر من الخبر التالي : أنّ المتوكل كانت له محاولات لجرّ الهادي عليهالسلام إلى منادمته في مجلس شربه وشربه معه! وقد أعياه ذلك ، فمع عودته من رحلته في الصيف إلى الشام ، قال : ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا (علي بن محمد) أبى أن ينادمني أو يشرب معي أو أجد منه فرصة من هذا!
ويظهر من الخبر أن موسى بن محمد بن الرضا الذي اشتهر بعدها بالمبرقع لم يكن مبرقعاً يومئذٍ على اشتهاره بأنّه قصّاف عزّاف يتعشق ويشرب! فلمّا تعاجز المتوكل من إخضاع الهادي عليهالسلام قالوا له : فإن لم تجد منه فهذا أخوه موسى كذا وكذا! قال : فابعثوا إليه فجيئوا به حتّى نُموّه به على الناس نقول : هو ابن الرضا!
فكتب إليه وأشخصه إليه على أنّه إذا وافاه أقطعه قطيعة (أرضاً) وبنى له فيها وجعل له منزلاً سريّاً يزوره هو فيه ووصله وبرّه وحوّل الخمّارين والقيان إليه! فأشخصه إليه مكرماً وأمر فتلقاه بنو هاشم (بنو العباس) وقوّاده والناس!
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٠٩.