ويظهر من الخبر أنّهم أو المتوكل كان يهمّه بعد هذا أن يُحضر الإمام عليهالسلام بمحضر عام أو شبه عام ، ولذا قال له ابن أكثم : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شيء بعد المسائل هذه! فإنه لا يرد عليه شيء بعدها إلّاوهو دونها ، فيظهر به علمه! وفي ظهور علمه تقوية «للرافضة» (١).
ولعلّ في مثل هذه المواقف وقف المتوكل على تشيع ابن السكّيت ، فامتحنه بسؤاله عن نظره في النسبة بين ابنيه المعتز والمؤيد وبين السبطين الحسنين عليهماالسلام ، فقرعه ابن السكّيت بما استتبع إسكات أنفاسه بأمر المتوكل ، كما سيأتي في محلّه.
وممّا وقع في هذه الفترة من قضاء ابن أكثم على عهد المتوكل ما أخرجه الكليني عن جعفر بن رزق الله قال : رُفع إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة ، فأراد أن يقيم عليه الحدّ فأسلم. فقال ابن أكثم : الإيمان يجبّ ويمحو ما قبله. واختلفوا ، فأمر المتوكل أن يكتب إلى علي بن محمد النقي يسأله ، فلمّا قرأ الكتاب كتب إليه : «يضرب حتى يموت» فكتبوا يسألون العلة ، فكتب : بسم الله الرحمنِ الرحيم (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٢)) فاقتنع المتوكل وأمر به فضُرب حتّى مات (٣).
حوادث أرمينية وما والاها :
في سنة (٢٣٩ ه) اضطرب أمر أرمينية وتحرّك بها جماعة من البطارقة وغيرهم وتغلّبوا على نواحيهم. فولّى المتوكل أبا سعيد محمد بن يوسف
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤٣٤ ـ ٤٣٧.
(٢) غافر : ٨٤.
(٣) فروع الكافي ٧ : ٢٣٨.