وقال لي : أظنّك عطشاناً! فقلت : أجل! فنادى بالغلام : اسقنا ماءً! فقلت في نفسي : الآن يأتونه بماء يَسُمّونه به! واغتممت لذلك (ولعلّه من صنيعهم معه البارحة ظنّ هكذا!) فأقبل الغلام ومعه الماء فتبسّم في وجهي وقال له : ناولني الماء. فتناول الماء فشرب ثمّ ناولني فشربت.
ثمّ عطشت ثانية وكرهت أن أدعو بالماء ، ففعل مثل ما فعل في الأُولى ، فلمّا جاء الغلام ومعه القدح قلت في نفسي مثل ما قلت في الأول ، فتناول القدح فشرب فناولني وتبسّم! فأنا أظنّه كما يقولون! هذا ما أسنده الكليني (١) وعنه المفيد وفيه : قال محمد بن علي الهاشمي (العباسي؟) : والله إنني أظن أنّ أبا جعفر ـ كما تقول الرافضة ـ يعلم ما في النفوس (٢)! مفسّراً لآخر الخبر.
المأمون وقاضيه ، والجواد عليهالسلام :
مرّ الخبر في حوادث عام (٢١٢ ه) أي قبل ثلاثة أعوام : أنّ المأمون أعلن القول بتفضيل علي عليهالسلام على الناس بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنه طلب من قاضيه يحيى بن أكثم التميمي البصري المروزي أن يجمع له عشرين من محدثي بغداد وعشرين من متكلميها ليحاجّهم فيتمّ عليهم حجته في ذلك ، فحاجّه محدثوهم بما أُثر لهم من المرويات الأموية في فضائل الشيخين ، وأنّ المأمون كيف فنّدها ونقدها وردّها ، وكأنّه لا دور لقاضيه ابن أكثم في ذلك إلّادعوتهم ثم رواية خبرهم.
واليوم وبعد ثلاثة أعوام في سنة (٢١٥ ه) في تكريت ، تكرّر مصغّر ذلك بين ابن أكثم والجواد عليهالسلام بمحضر المأمون : أرسل خبره الطبرسي قال : روى أنّ
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٤١٥ ـ ٤١٦ ، الحديث ٦ ، باب مولد الجواد عليهالسلام.
(٢) الإرشاد ٢ : ٢٩٢.