المأمون بعد ما زوّج ابنته امّ الفضل أبا جعفر ، كان في مجلس وعنده أبو جعفر عليهالسلام ويحيى بن أكثم وجماعة كثيرون ، إذ التفت ابن أكثم إلى الجواد عليهالسلام وقال له :
يابن رسول الله! ما تقول في الخبر الذي روي : أنّ جبرئيل نزل على رسول الله وقال له : يا محمد ، إنّ الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك : إني راض عن أبي بكر فسله هل هو راضي عني!
فقال أبو جعفر عليهالسلام : لست بمنكر فضل أبي بكر ، ولكن يجب على صاحب هذا الخبر أن يأخذ بمثال الخبر الذي قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجة الوداع : «قد كثرت عليَّ الكذّابة وستكثر بعدي ، فمن كذب علي متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار! فإذا أتاكم حديث عني فاعرضوه على كتاب الله وسنتي ، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به ، وما خالف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به».
قال : وهذا الخبر لا يوافق كتاب الله ؛ فقد قال الله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١)) فالله عزوجل (هل) خفى عليه رضا أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سرّه؟! هذا مستحيل في العقول!
فقال يحيى : وقد روي عنه قال : إنّ مثَل أبي بكر وعمر في الأرض كمثَل جبرئيل وميكائيل في السماء!
فقال : وهذا أيضاً يجب أن يُنظر فيه : لأنّ جبرئيل وميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة ، وهما (أبو بكر وعمر) قد أشركا بالله عزوجل وإن أسلما بعد الشرك ، فكان أكثر أيامهما الشرك بالله ، فمحال أن يشبّههما (النبيّ) بهما!
__________________
(١) سورة ق : ١٦.