تبرّي المأمون من معاوية وتفضيله :
قال الطبري في حوادث عام (٢١١ ه) : وفيها تبرّأ المأمون ممّن يذكر معاوية بالخير أو يفضّله على أحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمر منادياً ينادي بذلك فنادى (١).
قال المسعودي : قيل إن سبب ذلك : أنّ بعض سُمّاره حدّثه بحكاية عن المُطرّف بن المغيرة بن شعبة ، حكاها أبو الحسن علي بن محمد المدائني قال : قال المطرّف بن المغيرة : كان أبي يذهب إلى معاوية يتحدث عنده ثمّ ينصرف فيذكر عقله ويُعجب بما يرى منه! إذ جاء ذات ليلة فرأيته مغتماً وأمسك عن العشاء. وظننت أنّه لشيء حدث من عملنا ، فانتظرته ساعة ثمّ قلت له : ما لي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟ فقال : يا بُني ، إني جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم (٢)! قلت : وما ذاك؟!
قال : خلوت به فقلت له : يا أمير المؤمنين! إنك قد بلغت سنّاً وقد كبرت ، فلو أظهرت عدلاً وبسطت خيراً! فنظرت إلى اخوتك من بني هاشم! فوصلت أرحامهم ، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه! وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه!
فقال لي : هيهات هيهات! ملك أخو تيم (أبو بكر) فعدل وفعل ما فعل ، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره ، إلّاأن يقول قائل : أبو بكر. ثمّ ملك أخو عدي (عمر) فاجتهد وشمّر عشر سنين ، فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره ، إلّاأن يقول قائل : عمر! ثمّ ملك أخونا (عثمان) فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٦١٨.
(٢) حكاها المسعودي في مروج الذهب ٣ : ٤٥٤ ، والمعتزلي في شرح نهج البلاغة ٥ : ١٢٩ ـ ١٣٠. كلاهما عن الموفقيات للزبير بن بكار ففي الثاني : أكفر الناس ، والمسعودي : أخبث الناس! تخفيفاً بل تحريفاً سخيفاً!