فعمل ما عمل وعُمل به ، فوالله ما عدا أن هلك فهلك ذكره وذكرُ ما فُعل به. وإنّ ابن أبي كبشة (١) يُصرخ به كل يوم خمس مرّات : «أشهد أن محمداً رسول الله» فأيُّ عمل يبقى مع هذا؟! وأيّ ذكر يدوم مع هذا؟! لا امّ لك! لا والله إلّا دفناً دفناً!
فالمأمون لما سمع هذا الخبر بعثه ذلك على ما أمر من النداء ، وانشئت الكتب إلى الآفاق «بلعنه» على المنابر! فأعظم الناس ذلك وأكبروه واضطربت العامة منه ، فاشير عليه بتركه فأعرض عنه (٢).
وتوفي في هذه السنة (٢١١ ه) عبد الرزاق بن همام (٣) الصنعاني اليمني في بغداد ، صاحب «المصنَّف» في الحديث ، وشيخ أحمد بن حنبل الشيباني البغدادي ، ولعلّه أخرج في كتابه ما جرّ ابن الوردي أن يقول عنه : «المحدث المتشيع» (٤)! وقال : وتوفي فيها بالبصرة أبو عبيدة معمر بن المثنّى التيمي ، والأخفش النحوي (الأوسط) أبو الحسن سعيد بن مسعدة والخفش : صِغر العين وسوء النظر ، وكان سيبويه الفارسي عرض كتابه «الكتاب» عليه.
__________________
(١) كنايتهم عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وخفّفها المسعودي أيضاً إلى : أخا هاشم!
(٢) مروج الذهب ٣ : ٤٥٤ ـ ٤٥٥ وهو وإن نقل الخبر عن كتاب الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار (م ٢٥٦ ه) إلّا أنّ محادثة سامر المأمون له كان سابقاً على الموفقيات عن المدائني المعاصر لهم (م ٢٢٠ ه) وعلّق المعتزلي على ابن بكار قال : كان معلوم الحال بالانحراف عن علي عليهالسلام فهو غير متهم على معاوية ولا هو منسوب إلى الشيعة. ونقل أصحابنا (المعتزلة) عن معاوية في فلتات ألفاظه وسقطات كلامه ما يدل على أنّه كان ملحداً لا يعتقد بالنبوة! شرح النهج ٥ : ١٢٩.
(٣) تاريخ خليفة : ٣١٤.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٠٩.