المأمون والرضا وشبهة الجبر :
أسند الصدوق عن أبي الصلت الهروي : أنّ المأمون قال للرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ، ما معنى قول الله عزوجل : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ* وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ (١)).
فقال الرضا عليهالسلام : حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهمالسلام قال : إنّ المسلمين قالوا لرسول الله : يا رسول الله ، لو أكرهت من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما كنت لألقى الله ببدعة لم يُحدث إليّ فيها شيئاً! فأنزل الله عليه : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند رؤية البأس وفي الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثواباً ولا مدحاً ، لكنّي أُريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في الجنة.
قال : وأما قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلّابأمره لها بالإيمان فما كانت متكلفة ومتعبّدة (كذا).
فقال المأمون : فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج الله عنك! فأخبرني عن قول الله تعالى : (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَايَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (٢)).
__________________
(١) يونس ٩٩ و ١٠٠
(٢) الكهف ١٠١