فالتفت سليمان للمأمون وقال له : يا أمير المؤمنين ، لا انكر البَداء بعد يومي هذا ولا اكذّب به إن شاء الله» (١).
الرضا ، وسليمان المروزي ، والإرادة :
ثمّ قال المأمون لسليمان المروزي : يا سليمان ، سل أبا الحسن (الرضا) عما بدا لك ، وعليك بحسن الاستماع والانصاف.
فالتفت سليمان إلى الرضا عليهالسلام وقال : يا سيدي ؛ أسألك؟ قال : سل عمّا بدا لك.
قال : ما تقول في من جعل الإرادة اسماً وصفة مثل حي وسميع وبصير وقدير؟
قال الرضا عليهالسلام : إنّما قلتم : حدثت الأشياء واختلفت لأنّه شاء وأراد ؛ ولم تقولوا : حدثت الأشياء واختلفت لأنه سميع بصير! فهذا دليل على أنهما (الإرادة والمشية) ليستا مثل سميع ولا بصير ولا قدير. قال : فإنه لم يزل مريداً! قال : فإرادته غيره؟! قال : نعم! قال : فقد أثبتّ معه شيئاً غيره لم يزل! قال الرضا : فهي محدَثة؟ قال : لا ما هي محدَثة! فصاح به المأمون وقال : يا سليمان ، مثله يعاجَز أو يكابَر؟! عليك بالإنصاف ، أما ترى مَن حولك من أهل النظر؟! ثمّ قال للرضا : يا أبا الحسن ، كلّمه فإنه متكلم خراسان! فأعاد الإمام القول : يا سليمان ، هي (الإرادة) محدَثة ؛ فإنّ الشيء إذا لم يكن أزلياً كان محدثاً وإذا لم يكن محدَثاً كان أزلياً.
قال سليمان : إرادته منه كما أنّ سمعه وبصره وعلمه منه .. إنّما أراد نفسه كما سمع نفسه وأبصر نفسه وعلم نفسه.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٧٩ ـ ١٨٢.