ولقد أخبرني أبي عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إنّ الله عزوجل أوحى إلى نبي من أنبيائه : أن أخبر الملك فلان : أني متوفيه في كذا. فأتاه ذلك النبيّ فأخبره. فدعا الله الملكُ قال : يا ربّ أجّلني حتّى يشبّ طفلي .. فأوحى الله إلى ذلك النبي : أن ائت الملك فلان فأعلمه أني قد أنسأت أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة! والله لا يسأل عما يفعل.
ثمّ التفت الرضا عليهالسلام إلى سليمان وقال له : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب إذ قالت (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ (١)) يعنون أنّ الله قد فرغ من الأمر فليس يُحدث شيئاً! فقال الله عزوجل : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا (٢)).
ولقد سمعت قوماً سألوا أبي موسى بن جعفر عليهالسلام عن البَداء فقال : «وما ينكر الناس من البَداء وأن يوقف الله قوماً يرجّيهم لأمره». وكأنّ سليمان كان يرى القول بالبَداء منافياً للتقدير فقال : ألا تخبرني عن قوله سبحانه : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ».)
فقال الرضا عليهالسلام : يا سليمان ، ليلة القدر يقدّر الله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت أو خير أو شر ، فما قدّره في تلك الليلة فهو من المحتوم ... وإنّ من الأُمور أُموراً موقوفة عند الله عزوجل يقدّم منها ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، ويمحو ما يشاء.
يا سليمان ، إنّ علياً عليهالسلام كان يقول : «العلم علمان ، فعلم علّمه الله ملائكته ورسله ، فإنه لا يكذّب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم مخزون عنده لم يُطلع عليه أحداً من خلقه (فذلك) يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء».
__________________
(١) المائدة : ٦٤.
(٢) المائدة : ٦٤.