وتباكت عيون المأمون :
جاء في خبر هرثمة بن أعيَن (؟!) قال : ثمّ أصبحنا ، فجلس المأمون للتعزية ، ثمّ قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا الرضا عليهالسلام فقال : أصلحوا لنا موضعاً للغسل وأنا أُريد غسله! ثمّ قال : لست أعرض لذلك .. ثمّ ضُرب فسطاط على جنازة الرضا عليهالسلام ثمّ ارتفع الفسطاط فإذا بسيدنا الرضا عليهالسلام مدرج في أكفانه ، فوضعته على نعشه ثمّ حملناه ، فصلّى عليه المأمون ومن حضر ، ثمّ جئنا به إلى موضع القبر .. وأخذت المعول بيدي فضربت به قبلة قبر هارون الرشيد ، فنفذ إلى قبر محفور وفي وسطه ضريح .. فجعلت نعشه إلى جانب قبره فغطي عنا بثوب أبيض وأُنزل إلى قبره بدون أيدينا .. ثمّ امتلأ القبر وانطبق وتربّع على وجه الأرض! فانصرف المأمون وانصرفنا.
قال : ثمّ دعاني المأمون واختلا بي وسألني يا هرثمة! أسألك بالله لما صدقتني عن أبي الحسن «قدّس الله روحه»! بما سمعته منه ، فهل أسرّ إليك شيئاً؟ قلت له : نعم ، خبر العنب والرمان! فتلوّن صفرة وحمرة وسواداً وتمدّد كأنه غشي عليه وسمعته يجهر في غشيته يقول : ويل للمأمون من الله ورسوله وفاطمة وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين ثمّ عدّ أبناء الحسين الأئمة إلى الرضا عليهالسلام! ثمّ جلس ودعاني وهو كالسكران فهدّدني بالقتل إن أظهرت ذلك لأحد (١).
وقال اليعقوبي العباسي (مولاهم) : قيل : إنّ علي بن هشام (قائد حرس المأمون) أطعمه رماناً مسموماً ، و «أظهر» المأمون عليه جزعاً شديداً ؛ وحضر جنازته في مبطّنة بيضاء! وحمل نعشه وهو يقول : إلى مَن أروح
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٥٠ وعلّق عليه في قاموس الرجال قال : هي رواية على خلاف الدراية ١٠ : ٥٠٤ برقم ٨١٩٠.