المأمون ويطالبنا بالرضا عليهالسلام فما نصنع؟! فقال لي : اسكت يا أبا الصلت فإنه سيُعاد .. وما أتم الحديث حتّى انشق السقف ونزل التابوت! فقام عليهالسلام واستخرج الرضا من التابوت ووضعه على فراشه ، كأنّه لم يغسّل ولم يكفّن! ثمّ قال لي : يا أبا الصلت قُم فافتح الباب للمأمون. فقُمت إلى الباب وفتحته فإذا بالباب الغلمان والمأمون قد شق جيبه ولطم رأسه باكياً حزيناً منادياً : يا سيداه! فُجعت بك يا سيدي! ثمّ دخل فجلس عند رأسه وأمر بتجهيزه وحَفْر قبر له في قبلة (قبر أبيه الرشيد).
فقلت له : إنّه أمرني أن يُحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحه (شقاً لا لحداً) فقال لهم : انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت .. ثمّ دفن الرضا عليهالسلام (١).
وأعقب الصدوق هذا الخبر عن أبي الصلت الهروي بخبر آخر أسنده عن الصولي عن هرثمة بن أعين ، هكذا بلا أي مميّز له عن مسمّاه من قوّاد الرشيد والذي قتله المأمون قبل هذا ، وهذا أيضاً يبدأ خبره بأنه كان من رجال المأمون قائماً بين يديه حتّى مضى من الليل أربع ساعات! إلّاأنّه يقول : إنّ الرضا عليهالسلام أحضره نصف الليل وأخبره عن سمّ المأمون إيّاه غداً ، وأوصاه بوصايا في تجهيزه وقبره ودفنه ، ثمّ يخبر الرجل عن سمّ المأمون للرضا عليهالسلام بالعنب والرمان ثمّ يقول :
لما رجع سيدي الرضا عليهالسلام إلى داره رأيت الأطباء والمترفقين حضروا ، فقلت : ما هذا؟ فقيل : علّة عرضت لأبي الحسن الرضا ، ثمّ يقول : فلمّا كان الثلث الثاني من الليل علا الصياح وسمعت الصيحة من الدار! فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محلول الأزرار يبكي وينتحب (٢).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٢ ـ ٢٤٤ ، الباب ٦٣ ، الحديث ١.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٥ ـ ٢٤٨ ، الباب ٦٤ الحديث ١ عن كتاب محمّد بن يحيى الصولي : الأوراق في الوزراء والكتّاب.