وما يمنعك منه؟! لعلّك تتّهمنا بشيء! فتناول المأمون العنقود فأكل منه! ثمّ ناوله الرضا عليهالسلام فأكل منه ثلاث حبّات ، ثمّ رمى به (من يده إلى الطبق) وقام! فقال المأمون : إلى أين؟! فقال : إلى حيث وجّهتني! ثمّ غطّى رأسه (بردائه) فلم اكلّمه حتّى دخل الدار وآوى إلى فراشه فنام عليه وأمر أن يغلّق الباب فغُلّق.
قال أبو الصلت : وأنا مكثت في صحن الدار واقفاً مهموماً محزوناً ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليّ شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا عليهالسلام! فبادرت إليه وقلت له : من أين دخلت والباب مغلق؟!
فقال : الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق!
فقلت له : ومن أنت؟ فقال لي : يا أبا الصلت ؛ أنا حجة الله عليك ، أنا محمّد بن علي! ثمّ مضى نحو أبيه وأمرني أن أدخل معه فدخل ودخلت خلفه ، فلمّا نظر إليه الرضا عليهالسلام وثب إليه فعانقه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ، ثمّ انهدّ الرضا إلى فراشه وسحب ابنه إليه فأكب محمّد على أبيه يقبّله ويسارّه بما لم أفهمه .. ثمّ مضى الرضا عليهالسلام.
فقال لي أبو جعفر عليهالسلام : يا أبا الصلت ، قُم وايتني بالماء والمغتسل من الخزانة .. فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء ، فأخرجته إليه وشمّرت ثيابي لأُغسّله ، فقال لي : يا أبا الصلت تنحّ فإنّ لي من يعينني غيرك! فغسّله. ثمّ قال لي : ادخل الخزانة فأخرج إليّ السفط الذي فيه حنوطه وكفنه. فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره من قبل هذا ، فحملته إليه فحنّطه ثمّ كفّنه ، ثمّ صلّى عليه ، ثمّ قال لي : قُم فإنّ في الخزانة تابوتاً فأتني بالتابوت! قال : فدخلت الخزانة فوجدت تابوتاً لم أره قبل هذا فأتيته به ، فأخذ الرضا فوضعه في التابوت .. ثمّ انشق السقف وعلا التابوت فخرج من شق السقف ومضى! فقلت له : يابن رسول الله ، الساعة يجيئنا