وصف المسعودي لنكبة بابك :
قال المسعودي : كثرت حروب الأفشين لبابك وأخيه ، واسمه الحسن وأخوه عبد الله! واتصلت ، حتّى قُتل رجاله وانفضّ جمعه وضاقت به بلاده فامتنع بجبل بدين ، ثمّ تنكّر هو وأخوه وولده وأهله ومن تبعه من خواصه بزيّ أهل قوافل التجارة والسفر وسافر إلى أرمينية من أعمال سهل بن سنباط الأرميني من بطارقتها. فخشى الأفشين أن يعتصم ببعض الجبال المنيعة أو بعض القلاع فيكثر جمعه ويعود إليه فُلّال عسكره ويرجع إلى ما كان من أمره ، فأخذ عليه الطرق وكاتب البطارقة في الحصون والمواضع من بلاد أرمينية وأذربايجان والران وحتّى البيلقان ، وضمن لهم الرغائب.
ومرّ راعي غنم بجمع بابك فساموه شراء شاة وزاد ، فعرف بابك ، فمضى من فوره إلى سهل الأرميني فأخبره الخبر وقال : هو بابك لا شك فيه! فلمّا سمع سهل ذلك من الراعي جمع إليه من حضره من أصحابه وعدده إلى موضع بابك ، فترجّل ودنا منه وسلّم عليه وقال له : أيها الملك! قُم إلى قصرك وموضع يمنعك الله من عدوك! فسار معه إلى قلعته فأجلسه على سريره ، ووطّأ منزله لمن معه. وقدّم له المائدة وقعد إليه ليأكل معه ، فقال له بابك : أمثلك يأكل معي! فقام سهل وعاد بحدّاد وقال له : مدّ رجليك! فأوثقه بالحديد ثمّ قيّد من كان معه.
وأرسل إلى الأفشين يخبره الخبر ، فسرّح إليه الأفشين أربعة آلاف فارس عليهم الحديد! وعليهم خليفة له يقال له : أبو مادّة! فتسلّموا بابك ومن معه ، وأتوا به إلى الأفشين وجاء معهم سهل ، فرفع الأفشين منزلة سهل وتوجّه وخلع عليه وجمّله وأسقط عنه الخراج!
ثمّ كتب بالفتح واطلقت بها الطيور إلى المعتصم! فلمّا انتشر الخبر ضجّ الناس بالتكبير!