ودخل ابن البعيث من باب المكر بعصمة الكردي فصار إليه إلى مرند وتزوّج ابنته ودعاه إلى منزله وأسكرهم وحملهم ليلاً إلى قلعته شاهي ، وأخبر طاهر بن إبراهيم الخزاعي (مولاهم) بما كان منه وسأله أن يبعث إليه بالبغال والحديد ليحملهم إليه ، ففعل طاهر ذلك. ولكنه كتب إلى المعتصم يُعلمه بخبرهم وأنه في طاعته والتدبير على أصحاب بابك ، وأنفدهم إلى المعتصم فأجازه المعتصم وحباه وأعطاه ، وقال لإسحاق بن إبراهيم : لا أرى الرجلة إلّاعند ابن البعيث وما أرى عند أخيك شيئاً!
ووجّه إلى بابك الأفشين حيدر بن كاووس الأسروشنيّ ، وعقد له على جميع ما يجتاز به من الأعمال ، وحُملت معه خزائن السلاح والأموال! فلمّا صار الأفشين إلى الجبل أخذ من كان به من وجوه الصعاليك ، وأقام في حرب الأفشين عاماً حتّى كثرت الثلوج فرجع إلى برزند فخندق خندقاً وبنى سوراً ، وكمّن الكمناء وزحف إلى مركز بابك في رمضان (٢٢٢ ه) واشتدت الحرب ودخل المسلمون إلى بلدته وهرب بابك وستة من أصحابه ، وكان عنده سبعة آلاف وستمئة من أسرى المسلمين فأخرجوهم.
وكتب الأفشين إلى البطارقة بأرمينية وأذربايجان في طلبه وضمن لمن جاء به الصفح عن بلادهم مع ألف ألف (مليون) درهم! وصار بابك إلى سهل بن شباط أو سنباط من البطارقة فأخذه وكتب إلى الأفشين بخبره فأنفذ فأخذه ، وكتب بالفتح إلى المعتصم فقرئ في الآفاق.
وقدم الأفشين على المعتصم بسامرا ، فتلقاه القوّاد والناس على مراحل ، ودخلها ثاني صفر (٢٢٣ ه) وقد قدّم بابك بين يديه على فيل ، فقطعت يداه ورجلاه وصُلب (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧٣ ، ٤٧٤.