قال ابن اورمة القمي : فلم ألبث أن خرج صاحب بريد (الخليفة) فقال لي سعيد : ادخل.
قال : فدخلت الدار التي كان فيها فإذا بحياله قبر محفور! فسلّمت وبكيت بكاءً شديداً فقال لي : ما يبكيك؟ قلت : لما أرى! قال : لا تبكِ لذلك فإنه لا يتمّ لهم ذلك ، إنه لا يلبث أكثر من يومين حتى يسفك الله دمه ودم صاحبه. قال ابن اورمة : فوالله ما مضى غير يومين حتّى قتل (١) وطبيعي أنّه عليهالسلام افرج عنه.
قتل المتوكل ومصيره :
اكتفى اليعقوبي في ذلك بقوله : كان المتوكل قد جفا ابنه محمداً المنتصر ، فأغروه بأبيه ، ودبّروا للوثوب عليه. ففي الثالث من شوال (٢) سنة (٢٤٧ ه) كان المتوكل في مجلس خلوة مع الفتح ابن خاقان ، فدخل عليه جماعة من الأتراك منهم بُغا الصغير واوتامش صاحب المنتصر ، وباغر وبغلو وواجن وكنداش وغيرهم ، فقتلوا المتوكل والفتح معاً (٣).
وأجمل المسعودي قال : نال المتوكل ابنه محمداً بأنواع الذلة والهوان! فأجمع على قتله ، فواطأ وصيفاً وبُغا وغيرهم من الموالي على الفتك بأبيه ، فأعدّوا لذلك عدة من أصاغر الموالي باغر وغيره ، فقتلوه بمدينته المسماة بالجعفرية من سامراء لثالث شوال (٢٤٧ ه) وله أربعون سنة. وكان أسمر أصفر رقيق البشرة
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ٤١٢ ، الحديث ١٧ ، ورواه الخزاز في كفاية الأثر والصدوق في الخصال وكمال الدين ومعاني الأخبار عن الصقر بن أبي دلف وفيه أن سعيداً كان يتشيّع! وليس فيه : إلى يومين.
(٢) فيعلم أنّ يوم السلام كان يوم عيد الفطر ، وزيارة ابن اورمة كانت لأيام عيد الفطر.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٢.