كبير العينين خفيف العارضين وسيماً ، مؤثراً للهزل والمضاحك ومايشين الملوك ، وكان حجّابه : وصيف وبُغا وزرافة (١).
وفصّل فنقل عن البحتري الشاعر أنّ المتوكل نُقل له أنّ سيفاً هندياً لا نظير له وقع إلى رجل من أهل البصرة ، فأمر المتوكل بكتاب إلى عامل البصرة يطلبه بشرائه بلغ ما بلغ ، فعُلم أنّ السيف اشتراه رجل من اليمن ، فأمر المتوكل بالبعث إلى اليمن بطلب السيف وابتياعه! فاشتري بعشرة آلاف درهم ودخل به عبيد الله بن يحيى بن خاقان على المتوكل.
فلمّا كان الغداة استشار الفتح بن خاقان في غلام موثوق به وبشجاعته ليقف بهذا السيف على رأسه ، ودخل باغر التركي وكان مقداماً أهوج فوصفه بالبسالة والشجاعة ، فدعا به المتوكل ودفع إليه السيف وأمره بأمره ، وزاد في مرتبته ورزقه.
وكان بُغا الصغير قد اصطنع باغر واتخذه وملأ عينه من الصِلات ، فامتحنه أولاً بطلب قتل ابنه فارس فوجده مستعداً ، ثمّ امتحنه بطلب قتل وصيف فوجده مستعداً ، ثمّ امتحنه بطلب قتل المنتصر ابن المتوكل فتوقّف وقال : هذا لا يجيء شيء منه! قال : وكيف؟ قال : يقتل الابن والأب باق إذاً يقتلكم أبوه به ولا يستوي لكم شيء! قال : فما ترى أنت؟ قال : إلّاأن نبدأ بالأب! فقال : وهل يتهيّأ هذا وتفعله؟! حتّى قال له باغر : فادخل أنت على أثري فإن فعلت وإلّا فاقتلني وقل : أراد أن يقتل مولاه! فعلم بغا صدقه فدبَر له وبه.
فبعد ثلاث ساعات من ليلة الثالث أو الرابع من شوال دخلوا عليهما فقتلوهما.
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣١٣ ، ٣١٤.