اخرجتُ فصلّيت في منزلي. وكنت مضيّقاً (مالياً) فأردت أن أطلب منه في كتابي دنانير فاستحييت ، فلمّا صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمئة دينار وكتب إليّ : «إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم واطلبها ، فإنك ترى ما تحب» (١).
أحداث عامي (٢٥٨ ه) و (٢٥٩ ه):
وكان جمع من الطالبيين من المدينة توجهوا إلى مصر ، ففي جمادى الآخرة من هذه السنة (٢٥٨ ه) أمر أحمد بن طولون التركي المصري بجمعهم وإخراجهم إلى المدينة ، وأراد أحدهم من ولد العباس بن علي عليهالسلام أن يتوجّه إلى المغرب ، فأخذه ابن طولون وضربه مئة وخمسين سوطاً وأطافه بالفُسطاط!
ثمّ أخذ ابن طولون الجند والشاكرية والموالي والناس بالبيعة له دون المعتمد.
وفي شهر رمضان (٢٥٨ ه) وجّه المعتمد شنيف الخادم مولى المتوكل إلى الروم لمفاداة الأسرى المسلمين لديهم ، فاجتمعوا بنهر اللامس ، وشرط الروم هدنة أربعة أشهر ، فتوافقوا وتفادَوا.
وكان الأعراب من حول المدينة من بني سليم وبني هلال وغيرهم من بطون قيس ، يقطعون الطرق على الحجّاج ويسلبونهم أمتعتهم ، ففي سنة (٢٥٩ ه) نال أهل البادية زلازل ورياح وظلمات ، فهربوا إلى مكة والمدينة يستجيرون بالكعبة وبقبر رسول الله ، وأحضروا معهم بعض أمتعة الحجاج ممّن قطعوا عليهم طريقهم ، وهلك منهم في البادية خلق عظيم (٢).
__________________
(١) إعلام الورى ٢ : ١٤٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥١٠ ، ٥١١. هذا وهيئة الناهين عن المنكر لم يستنكروا عليهم ذلك!