فيظهر من الخبر أنّ هذا كان سنة (٢٤٤ ه) ثلاث سنين قبل قتل المتوكل. فلمّا وافى تلقاه أبو الحسن على قنطرة وصيف مولى المتوكل ، وكان موضع تلقي القادمين ، فسلّم عليه ووفّاه حقّه ثمّ قال له : إنّ هذا الرجل (المتوكل) قد أحضرك ليهتكك ويضع منك! فلا تقرّ له أنك شربت نبيذاً قط!
قال موسى : فإذا كان إنما دعاني لهذا فما حيلتي؟! قال : فلا تضع من قدرك ولا تفعل. فأبى عليه! فكرّر عليه ، فما أجاب! فلمّا رآه لا يجيب قال له : أما إنّ هذا مجلس لا تجتمع أنت وهو عليه أبداً!
قال الراوي : فأقام ثلاث سنين يبكّر كل يوم فيقال له : قد تشاغل اليوم ، فأت عصراً ، فيذهب عصراً فيقال : قد سكر فبكّر صباحاً. فيبكّر فيقال : قد شرب دواءً! فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه (١).
المتوكل وعلي بن محمد الهادي عليهالسلام :
مرّ الخبر أنّ المتوكل انتقل من سامراء لأوّل محرّم لعام (٢٤٦ ه) إلى قصره الجعفري في الجعفرية التي تبعد عن سامرّاء بثلاثة فراسخ (١٧ كم) وسيأتي أنّه قُتل هناك ، وظاهر الخبر التالي أنّه كان بسامرّاء قبل انتقاله إلى الجعفرية.
أسند المسعودي عن محمد بن يزيد المبرّد النحوي البصري البغدادي (م ٢٨٥ ه) قال : وَشوا بأبي الحسن علي بن محمد عليهالسلام إلى المتوكل : بأنّ في منزله من «شيعته» كتباً وسلاحاً! فوجّه إليه ذات ليلة جنوداً من الأتراك وغيرهم ليهجموا عليه بمنزله على غفلة فيأتوه به على حالته. فهجموا عليه بمنزله على غفلة فوجدوه في بيت بلا بساط إلّاالرمل والحصى ، وعليه مدرعة من شعر وعلى رأسه
__________________
(١) أُصول الكافي ١ : ٥٠٢ ، الحديث ٨ ، باب مولد الهادي عليهالسلام.