هارون الواثق بالله! :
كان الواثق أبيض تعلوه صفرة في عينه نكتة ، حسن اللحية (١) وكان مؤدّبه هارون بن زياد ، فكان الواثق يكرمه (٢) وإنما علّمه علوم العربية لم يخلط بعلم العربية شيئاً! ومع ذلك كان عمّه المأمون يقدّمه على ولده ، ويقال له : المأمون الأصغر ، لأدبه وفضله (٣).
ولما نُعي المعتصم في بغداد وثب عوام الجند والغوغاء في الجانب الشرقي ببغداد بقاضيهم شعيب بن سهل وانتهبوا داره! وكان إسحاق بن إبراهيم الخزاعي (مولاهم) في سامرّاء فلمّا بايع للواثق توجه في ساعته إلى بغداد وسار ليلته كلها فوصلها قبل طلوع الفجر ، فوكّل بالأطراف والسجون ، وأحضر القوّاد والوجوه وأخذ عليهم البيعة ، ووجّه إبراهيم الديزج ومعه جمع إلى دار شعيب القاضي فصاروا به إلى دار إسحاق الوالي.
وعقد الواثق من قوّاده لأُشناس التركي من بابه إلى آخر عمل المغرب ، وكتب لمحمد بن إبراهيم الأغلب بولاية المغرب من قبله. وكانت السند قد اضطربت وقُتل عاملها عمران بن موسى ، فولّى الواثق ايتاخ التركي من كور دجلة إلى خراسان إلى السند!
وبنعي المعتصم بدمشق وثب بها ابن بيهس الكلابي ومعه بنو كلاب وجمع كثير من بطون قيس. وفي فلسطين أبو حرب المبرقع تميم اللخمي في قبائل لخم وجذام وعاملة وبلقين. وفي برقة مصر كان البربر ومعهم قوم من قريش وعاملهم محمد بن عبدويه بن جبلة فوثبوا عليه وخلعوه. فوجّه إليهم الواثق رجاء بن
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٠٢.
(٢) المصدر : ٤٠٤.
(٣) المصدر : ٤٠٣.