انتقام الروم ، وغدرهم ، والأتراك :
مرّ الخبر عن غزو المسلمين في الشام للروم ففتحهم بلدة أناطوليا في (٢٨٩ ه) فبعد عامين أي في سنة (٢٩١ ه) في أوائل غوائل القرامطة بالشام اغتنم الروم الفرصة فخرجوا في مئة ألف إلى ثغورهم نحو الشام ، فأغاروا عليها وأَحرقوا وسبوا ، وكانوا في عشرة صلبان مع كل صليب عشرة آلاف (١).
وفي آخر عام (٢٩٢ ه) تقدّم المسلمون بتفادى أسراهم ببلدة اللامس الحدودية ففدوا ألفاً ومئة وخمسين نفساً من ذكر وانثى ، ثمّ غدروا فلم يتمّوا (٢) لما رأوا من استمرار دمار القرامطة بالشامات.
وكذا فعل الأتراك في ماوراء النهر في سنة (٢٩١ ه) فخرجوا في خلق كثير لا يحصون كثرة ، بحيث كان في عساكرهم سبعمئة قبة ، ولا تكون إلّالرؤسائهم. فسار إليهم الخراسانيون (السامانيون) بجيوشهم فأغاروا عليهم مع الصباح حتى قتلوا منهم خلقاً عظيماً ، وانهزم الباقون منهم (٣).
موت المكتفي وخلافة المقتدر :
في أوائل ذي القعدة سنة (٢٩٥ ه) اشتدت علة المكتفي بالله بالذرَب (الإسهال) وله يومئذ إحدى وثلاثين سنة ، فأحضر القاضيَين : محمد بن يوسف وعبد الله بن علي بن أبي الشوارب الأُموي بالولاء وأشهدهما على وصيته بالعهد إلى أخيه جعفر بن الموفّق ولقّب بالمقتدر ، وله يومئذ ثلاث عشرة
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول لابن العبري : ١٥٤.
(٢) مروج الذهب ٤ : ١٩١ ، وسكت عنه ابن العبري.
(٣) تاريخ مختصر الدول : ١٥٤.