وإنّما كان سفر الريّان هذا بعد ما حرّك المأمون به الساكن ممّا قرّر معه الاستمرار والإصرار عليه.
احتجاج المأمون على العباسيين :
قال ابن طاووس : من الطرائف المشهورة : ما بلغ إليه المأمون من مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل بيته عليهمالسلام ، ما ذكره ابن مسكويه الرازي (م ٤٣١ ه) صاحب التاريخ ، في كتاب سمّاه «نديم الفريد» حيث ذكر أن بني هاشم (بني العباس) كتبوا كتاباً إلى المأمون عاتبوه فيه على اتخاذه الرضا عليهالسلام وليّ عهده ، ويسألونه البيعة لابنه العباس بولاية عهده ، فأجابهم ما هذا لفظه :
«بسم الله الرحمنِ الرحيم ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد على رغم أنف الراغمين!
أما بعد ، فقد عرف المأمون كتابكم وتدبير أمركم ، ومخَض زبدتكم وأشرف على قلوب صغيركم وكبيركم ، وعرفكم مقبلين ومدبرين ، وما آل إليه ما بكم قبل كتابكم في مراوضة الباطل ، وصرْف وجوه الحق عن مواضعها ، ونبذكم كتاب الله تعالى والآثار ، وكل ما جاءكم به الصادق محمّد صلىاللهعليهوآله حتّى كأنكم من الأُمم السالفة التي هلكت بالخسفة والغرق والريح والصيحة والصواعق والرجم! (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (١)).
وحقِّ الذي هو أقرب إلى المأمون من حبل الوريد لولا أن يقول قائل : إنّ المأمون ترك الجواب عجزاً ؛ لما أجبتكم ، من سوء أخلاقكم وقلة أخطاركم ، وركاكة عقولكم ، ومن سخافة ما تأوون إليه من آرائكم ، فليستمع مستمع ، وليبلِّغ الشاهد الغائب.
__________________
(١) محمّد : ٢٤.