قال أبو هاشم فدنوت منه وسألته : ما قال لك الرجل؟ قال : إنّه دعاني باسم سُمّيت به في بلادنا في صِغري ، ما علمه أحد حتّى الساعة! فهل هو نبي؟ قلت : لا (١).
الواثق ، وخلق القرآن ، وفك الأسرى :
وفي سنة (٢٣٠ ه) كتب الواثق إلى القضاة أن يمتحنوا الناس في خلق القرآن في البلدان ، فلا يجيزوا إلّاشهادة من يقول بالتوحيد (ونفي القديم مع الله ومنه القرآن) فحُبس بهذا السبب كثير. (وكان على الروم ثيادور امّ ميخائيل بن توفيل الملك تنوب عنه) فكتبت إلى الواثق تذكر كثرة أُسارى المسلمين عندهم وتدعوه إلى الفداء.
فولّى الواثق ذلك الثغر أحمد بن سعيد الباهلي ، وجهّز جيشاً قوامه سبعون ألف رامح عليهم خادمه خاقان التركي ومعه جعفر بن أحمد الحذّاء ، حتّى صاروا على مرحلتين من طرسوس مدفن عمّه المأمون على نهر اللامس ، فوقف جعفر والخاقان على القنطرة ، فكلّما اطلق أحد من الأسرى سألوه عن خلق القرآن وإنما يفادى من يقول بخلقه ، ثمّ يُدفع إليه ثوبان وديناران حتّى بلغوا خمسمئة رجل وسبعمئة امرأة! وذلك في المحرم سنة (٢٣١ ه).
هذا ما قاله اليعقوبي في أرقام اسارى المسلمين عند الروم ، وقاربه السيوطي إذ قال : في هذه السنة (٢٣١ ه) فُكّ من الروم ألف وستمئة أسير مسلم ، فقضى ابن دؤاد «قبّحه الله»؟ أنّ من امتنع منهم من القول بخلق القرآن دعوه في الأسر! ومن قال به خلّصوه وأعطوه دينارين (٢)!
__________________
(١) إعلام الورى ٢ : ١١٧ عن كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري لابن عياش الجوهري. وأرسله في الخرائج والجرائح ٢ : ٦٧٤ ، الحديث ٤.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٠١.