وسار الأفشين ببابك بعساكره حتّى نزل القاطول على خمسة فراسخ من سامراء ، فتلقاه هارون الواثق ابن المعتصم ورجال الدولة وأهل بيت الخلافة ، وحملوا معهم للأفشين دُرّاعة من الديباج الأحمر منسوجة بالذهب قد رُصّع صدرها بأنواع اليواقيت والجواهر ، وقلنسوة عظيمة كالبرنس ذات سفاسك بألوان مختلفة ، وعليها كثير من اللؤلؤ والجوهر!
وكان بعض ملوك الهند قد حمل إلى المأمون فيلاً عظيماً ، فاليوم أُتي به وقد جُلّل بالديباج الأحمر والأخضر وأنواع الحرير الملوّن ، ومعه ناقة بُختية عظيمة قد جُلّلت بمثل ذلك فقدم الفيل إلى بابك وإلى أخيه الناقة ، وألبس بابك دُرّاعة جليلة وأخوه أُخرى ، وجعلت القلنسوة على رأس بابك وعلى رأس أخيه أُخرى نحوها. وضرب له المصاف صفين في الخيل والرجال والسلاح والحديد والرايات والبنود من القاطول إلى سامرّاء! مدداً واحداً متصلاً حتّى دخلوا سامراء في الثاني من صفر سنة (٢٢٣ ه).
ثمّ نقل المسعودي عن كتاب «أخبار بغداد» لأحمد بن طيفور البغدادي الخراساني : أنّه لما أوقف بابك بين يدي المعتصم لم يكلّمه ملياً ، ثمّ قال له : أنت بابك؟ قال : نعم أنا عبدك وغلامك! فقال : فجرّدوه. فسلبه الخدام ما عليه من الزينة. فأخذ يتكلم بكلام كثير يرغّبهم في أموال له عظيمة! فلم يلتفت إلى قوله : ثمّ أمر بقطع يديه ورجليه ، فأتى بالنطع وقطعت يمينه ثمّ يساره وثلث برجليه وهو يتمرغ في النطع ، ثمّ أمر بجزّ لسانه ، وصلب أطرافه مع جسده.
ثمّ حمل أخوه عبد الله مع رأس أخيه بابك إلى مدينة السلام وأميرها إسحاق بن إبراهيم الخزاعي (مولاهم) ففعل به إسحاق ما فُعل بأخيه بابك بسامراء!
وتوّج الأفشين بتاج من الذهب مرصّع بالجوهر ، وإكليل قد شُبّك بالذهب والياقوت الأحمر والزمرّد الأخضر ، والبس وشاحَين.