فلمّا عاد زيد إلى منزله أخبرَته امرأته بمجيء رسول الله وقوله لها : سبحان الله الذي خلقك! فظن أنّه قال ذلك لما أعجبه من حسنها! ولم يعلم ما أراد بذلك. فجاء إلى النبي وقال له : يا رسول الله ، إنّ في خلق امرأتي سوءاً فأُريد طلاقها! فقال له النبي : أمسك عليك زوجك واتق الله.
وقد كان الله عزوجل عرّفه أزواجه وأن تلك (زينب) منهن! فأخفى في نفسه ذلك ولم يبده لزيد ، وخشي أن يقول الناس في ذلك يعيبونه به ، فأنزل الله عزوجل ما قال. ثمّ إنّ زيد بن حارثة طلقها واعتدّت منه فزوّجها الله من نبيّه محمّد وأنزل بذلك قرآناً.
فقال المأمون : يابن رسول الله ، لقد شفيت صدري وأوضحت لي ما كان ملتبساً عليَّ ، فجزاك الله عن أنبيائه وعن الإسلام خيراً!
ثمّ قام المأمون إلى الصلاة وكان محمّد بن جعفر العلوي حاضر المجلس فأخذ المأمون بيده وخرج وتبعته فسمعته يقول له المأمون : كيف رأيت ابن أخيك؟ فقال له : إنّه عالم! ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم!
فقال المأمون : إن ابن أخيك من «أهل البيت» الذين قال فيهم النبيّ : «ألا إنّ أبرار «عترتي» وأطائب أُرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلم الناس كباراً ، فلاتعلّموهم فإنهم أعلم منكم ، لا يخرجونكم من باب هدى ولا يدخلونكم في باب ضلالة»!
قال ابن الجهم : فلمّا كان الغد غدوت إلى منزل الرضا عليهالسلام فأعلمته بما كان من قول المأمون وجواب عمه محمّد بن جعفر له. فضحك ثمّ قال لي : يابن الجهم ؛ لا يغرنّك ما سمعته منه! فإنه سيغتالني! والله تعالى ينتقم لي منه!
نقل الصدوق هذا وعلّق عليه قال : هذا الحديث من طريق علي بن محمّد بن الجهم غريب مع نصبه وبغضه وعداوته لأهل البيت عليهمالسلام (١).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٥ ـ ٢٠٤ ، الباب ١٥.