وستين صنماً ، فلمّا أن جاءهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم حتّى لم يكن أحد عندهم أعظم ذنباً منه! فلمّا فتح الله عزوجل على نبيّه مكة ـ تمهيداً بصلح الحديبية ـ قال له : (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً* لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وتأخر .. فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفوراً بظهوره عليهم!
فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن! فأخبرني عن قول الله عزوجل : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ (١)).
قال الرضا عليهالسلام : هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارتي ، خاطب الله عزوجل بذلك نبيّه وأراد به امته. وكذلك قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢)) وقوله عزوجل : (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٣)).
قال المأمون : صدقت يابن رسول الله صلىاللهعليهوآله. فأخبرني عن قول الله عزوجل : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ (٤)).
قال الرضا عليهالسلام : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فوجد امرأته تغتسل فقال : سبحان الله الذي خلقك! وإنّما أراد بذلك : سبحان الله الذي خلقك أن يتّخذك ولداً يحتاج إلى الاغتسال والتطهير ، وأراد تنزيه الباري عزوجل عن زعْم من زعِم أنّ الملائكة بنات الله!
__________________
(١) التوبة : ٤٣.
(٢) الزمر : ٦٥.
(٣) الإسراء : ٧٤.
(٤) الأحزاب : ٣٧.