يعزونه ، إذ جاء شاب مشقوق الجيب حتى وقف عن يمين أبي الحسن فنظر إليه أبو الحسن وقال له : «يا بُني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً» فبكى الفتى واسترجع وقال : الحمد لله رب العالمين ، وأنا أسأل الله لنا تمام نعمته فيك. ولم نعرفه! فسألنا عنه فقيل : هذا ابنه الحسن ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح ، فعرفناه وعلمنا أنه قد أشار بالإمامة إليه ، وأنه يقوم مقامه (١) وقدّرنا الناس الجلوس على البساط في صحن داره من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مئة وخمسين رجلاً سوى مواليه وسائر الناس (٢).
ونقل الحلبي عن كتاب الكشي عن الفضل بن الحارث قال : رأيت أبا محمد العسكري عليهالسلام ماشياً (في جنازة أخيه أبي جعفر محمد) قد شق ثوبه! وأنا أخذت أتعجب من جلالته وما هو أهل له ، ومن شدة ادمة لونه ، واشفق عليه من التعب (في التشييع).
فلمّا كان الليل رأيته في منامي فقال لي : أما اللون الذي تعجبت منه فهو اختيار من الله لخلقه يجريه كيف يشاء! وإنها لعبرة في الأبصار لا يقع فيها غير المختبر. (وأما التعب) فلسنا كالناس نتعب كما يتعبون. فاسأل الله الثبات ، وتفكّر في خلق الله فإنّ فيه متّسعاً. واعلم أنّ كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة.
وكتب إليه أبو عون الأبرس في شقه جيبه ، فكتب جوابه : ما أنت وذاك؟! وقد شق موسى على هارون .. وإنك لا تموت حتى تكبر ويتغيّر عقلك (٣).
__________________
(١) مرّ خبر بل هناك أخبار بنصّ الهادي عليهالسلام على ابنه الحسن في المدينة قبل أن يُنقل إلى سامراء ، وإنما الحادث انصراف الناس عن أخيه محمد رحمهالله.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٣٢٦ ، الحديث ٨.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤٦٧ وتمامه : فما مات حتى ذهب عقله وحتى حجبه ابنه وحبسوه في منزله من ذهاب عقله! فهذه من دلائله عليهالسلام قبل وفاة أبيه وفعلية إمامته.