ومع ذلك ذكر الطبري في وصية المأمون إليه قال له : «وخذ بسيرة أخيك في القرآن! فالله عزوجل وحده لا شريك له في ملكه ، وهو خالق وما سواه مخلوق ، والقرآن لا يخلو أن يكون شيئاً له مثل ولا شيء مثله تبارك وتعالى» (١).
ولهذا فقد أحضر المعتصم أحمد بن حنبل وامتحنه في القول بخلق القرآن ، فقال أحمد : أنا رجل عُلّمت علماً ولم أعلم فيه بهذا! فأحضر له الفقهاء ومنهم عبد الرحمن بن إسحاق ، وناظره هذا فامتنع أن يقول بخلقه! فتقدم إسحاق بن إبراهيم الخزاعي (مولاهم) والي بغداد إلى المعتصم وقال له : يا أمير المؤمنين ولّني مناظرته! فقال له : شأنك به. فقال له إسحاق : هذا العلم الذي عُلّمته نزل به عليك ملَك ، أو عُلّمته من الرجال؟ قال : بل علمته من الرجال. قال : شيئاً فشيئاً أو جملة؟! قال : علمته شيئاً بعد شيء. قال : فبقي عليك شيء لم تعلمه؟ قال : نعم. قال : فهذا مما لم تعلمه وقد علّمكه أمير المؤمنين! قال : فإني أقول بقول أمير المؤمنين! قال : في خلق القرآن؟ قال : نعم حتى في خلق القرآن! فأشهد عليه ثمّ أطلقه إلى منزله بعد أن ضُرب أسواطاً ثمّ خُلع عليه. ذلك ما قاله اليعقوبي (٢). وقال المسعودي : ضربه نحو أربعين سوطاً ليقول بخلق القرآن.
وبالغ ابن الوردي فقال : فجلده المعتصم حتى غاب عقله وتقطّع جلده ، ثمّ قيده وحبسه (٣)!
__________________
(١) تارو الطقي ٨ : ٦٤٧ و ٦٤٨.
(٢) تارو اليعقوض ٢ : ٤٧٢.
(٣) تارو ابن الوردي ١ : ٢١٢.