مساء عاشوراء سنة (٢٥١ ه) وفي صباح الحادي عشر من المحرم ركب وأخوه المؤيد إلى دار العامة ، فأخذ البيعة على الناس ، وعقد لأخيه المؤيد عقدين أسود لولاية عهده ، وأبيض لولاية الحرمين ، وخلع عليه. وانبثّت الكتب من سامراء إلى سائر الأمصار بخلافة المعتزّ بالله بخطّ جعفر بن محمد الكاتب.
ثمّ أحدر أخاه أبا أحمد مع الموالي (خمسين ألفاً) إلى بغداد لحرب المستعين ، فنزل عليها ونشبت الحرب بينهم للنصف من صفر ، وهرب إليهم محمد بن الواثق ، واعتزّ المعتزّ يوماً بعد آخر وضعف المستعين كذلك (١).
ودامت الحرب فانقطعت الميرة عن بغداد وقلّت الأموال وغلت الأسعار ببغداد وسامرّاء حتى صار قفيز الحنطة بمئة درهم (٢)!
فجرت السفراء بينهم بالصلح على أن يخلع المستعين نفسه ويسلّم الأمر إلى المعتزّ ، أمناً على نفسه وولده ويصير بهم إلى بلد يقيم فيه ، على أن تُدفع إليه ضياع وأموال تقيمه. فاجيب إلى ذلك فخلع نفسه وبايع للمعتز وكتب كتاب الخلع على نفسه وأشهد عليه (٣).
وكان محمد بن طاهر لمّا رأى ضعف المستعين وعزّة المعتزّ جنح إليه وكاتبه لخلع المستعين ، وأحسّ الناس بذلك فتحيّزوا للمستعين وانتصروا له حتى اضطر ابن طاهر أن يصعد بالمستعين إلى أعلى القصر وعليه البردة وبيده القضيب! فيخاطب العامة وينكر ما بلغهم من ذلك بل وشكر ابن طاهر!
وانتهت مكاتبة ابن طاهر إلى ابن المتوكل أبي أحمد الموفق قائد الحرب لأخيه المعتز على المستعين ، فتوافق على الاجتماع بالشمّاسية من نواحي بغداد ،
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٧٧ ، ٧٨ ، وعدد العسكر من ابن الوردي ١ : ٢٢٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٩.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٩.