وهنا أشار المسعودي إلى ما سبق في سنة (٢٣٦ ه) من أمر المتوكل لقائده الديزج بهدم قبر الحسين عليهالسلام فقال : كان آل أبي طالب وغيرهم من شيعتهم منذ سنة (٢٣٦ ه) في محنة عظيمة وخوف على دمائهم ، وقد مُنعوا من زيارة الغريّ من أرض الكوفة وقبر الحسين ومن حضور هذه المشاهد .. ولم تزل الأُمور على ما ذكرنا إلى أن استخلف المنتصر فأمن الناس. وتقدم بالكفّ عن آل أبي طالب وترك البحث (المباحث) عن أخبارهم ، وأن لا يمنع أحد من زيارة حاير قبر الحسين «رضي الله تعالى عنه» ولا سائر قبور آل أبي طالب.
وأمر بردّ «فدك» إلى ولد الحسن والحسين ، وأطلق أوقاف آل أبي طالب! وترك التعرض لشيعتهم ودفع الأذى عنهم.
وكان يزيد بن محمد المهلّبي الشاعر من شيعة آل أبي طالب ، فقال في ما امتحن به الشيعة في ذلك الوقت وما اغريت العامة بهم ؛ يخاطب المنتصر :
ولقد بررت الطالبية بعد ما |
|
ذُمّوا زماناً بعدها وزمانا |
ورددت أُلفة هاشم ، فرأيتهم |
|
بعد العداوة بينهم : إخوانا |
ءانستَ ليلهمُ وجُدت عليهمُ |
|
حتى نسوا الأحقاد والأضغانا |
لو يعلم الأسلاف كيف بررتهم |
|
لرأوك أثقل من بها ميزانا! |
وفي سنة (٢٣٨ ه) خلع المنتصر بالله أخويه المعتز والمؤيد من ولاية العهد بعده (١).
وقال الأُموي الزيدي : كان المنتصر يظهر الميل إلى «أهل البيت» ويخالف أباه في أفعاله ، فلم يجر منه على أحد منهم قتل أو حبس أو مكروه (٢) بل عطف
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٤١ ، ٥٢.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤١٩.