المنتصر عليهم وأحسن إليهم ، ووجّه بمال فرَّقه فيهم. وكان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادَّة مذهبه طعناً عليه ونصرة لفعله (١).
وكان قد خرج بناحية الموصل من ربيعة وغيرهم من الأكراد أبو العمود الشاري الخارجي. فسرّح إليه المنتصر جيشاً مع سيما التركي ، فكانت له معه حروب حتى أسر سيما الشاري وأتى به إلى المنتصر فأخذ عليه العهد وخلّى سبيله.
وأظهر الانصاف في الرعية فمالت إليه قلوب الخاصة والعامة ، مع الهيبة له (٢).
وقال ابن العبري : في سنة (٢٤٨ ه) جدّ وصيف وبُغا وسائر الأتراك في خلع المعتزّ والمؤيد وألحّوا به على المنتصر وقالوا : نخلعهما ونبايع لابنك عبدالوهاب! فلم يزالوا به حتّى أجابهم وخلعهما. ثمّ دعاهما بمحضر الموالي والأتراك وقال لهما : أترياني أني خلعتكما طمعاً في أن أعيش حتى يكبر وَلدي وأُبايع له؟! والله ما طمعت في ذلك ساعة قط! ولكن هؤلاء ألحّوا عليَّ بخلعكما (٣).
وقال ابن الوردي : أمر بزيارة قبر الحسين وآمن العلويين ، وكان عاقلاً منصفاً قصيراً عظيم اللحم مهيباً أعيَن أقنى الأنف (٤).
وقال السيوطي : كان مليح الوجه أسمر ربعة جسيماً بطيناً ، وافر العقل راغباً في الخير قليل الظلم ، محسناً إلى العلويين وصولاً لهم ، أزال عنهم ما كانوافيه من المحنة والخوف والمنع من زيارة قبر الحسين ، وردّ عليهم «فدك» (٥).
__________________
(١) المصدر السابق : ٣٩٦.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٥٣ و ٥٤.
(٣) تاريخ مختصر الدول : ١٤٦ فلعلّه لذا حّوه فقتلوه.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٢١.
(٥) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤١٧ ، ٤١٨.