وفي علّة وفاته أجمل فقال : لمّا علم الموالي أنّه على التدبير عليهم بادروه فسمّوه فيما قيل (١).
وفصّل فقال : أخرج وصيف الحاجب في جند كثير في غزاة الصائفة إلى طرسوس في ثغر الروم.
وكان يوماً عنده الفضل بن المأمون إذ دخل عليه بُغا الصغير وحوله جمع من الأتراك ، فأقبل المنتصر على الفضل وقال له : قتلني الله إن لم أقتلهم وافرّق جمعهم بقتلهم المتوكل على الله! فلمّا فهموا ما عزم عليه تحيّنوا منه الفرصة. وشكا ذات يوم حرارة فأراد الحجامة فسمّه الطبيب ابن طيفور أو الطيفوري في مِشراط الحجامة أو مبضع الفصد ، أو شربة دواء بعده فحلّت قواه فحُمّ حتى مات.
وقيل (ستراً) : أنه كان يلعب بالصولجان (چوگان) فانصرف من الميدان وهو عرق ، فاستحمّ ونام في مهبّ الريح فضربه الهواء فحمّ في (٢٥ ربيع الأول) وطال عشراً حتى مات في (٥ ربيع الثاني) ، وصلّى عليه ابن عمّه أحمد بن محمد المستعين ، وكان خلفاء بني العباس يُخفون قبورهم فأصرّت أُمه على إظهاره فكان أوّلهم في ظهور قبره (٢)!
أمّا ابن العبري النصراني فعبَر اتهام الطبيب الطيفوري النصراني بشيء في أمر المنتصر بل قال : مات بالذبحة خلال ثلاثة أيام (٣) وكذا أورده ابن الوردي (٤) وعبّر عنها السيوطي بالخوانيق! قال : وقيل : بل سُمّ في كُمّثراة ، وقيل : اتّهم
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣١٤.
(٢) مروج الذهب ٤ : ٥٠.
(٣) مختصر تاريخ الدول : ١٤٦.
(٤) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٢١.