ثمّ قصد هجر بجيشه حتى ضمّها إليه ، ثمّ عاد إلى جزيرة أوال من جزر البحرين فألحقها بدولته. وخفي في هذه المعارك ذكر يحيى بن المهدي ، فلعلّه مات أو قتل أو أن أبا سعيد تخلّص منه (١).
وفي بادئ أمرهم زعموا أن دولتهم هي دولة المهدي المنتظر ، إلّاأ نّهم لمّا تمكنوا وبنوا عاصمتهم الأحساء لم يبنوا فيها مسجداً ، وقال لهم أبو سعيد : إني أعفيكم عن الصلاة والصيام! فهم يقرّون بالإسلام ديناً وبمحمد نبيّاً ولكنّهم لا يصلّون ولا يصومون ، ولما يُسألون عن مذهبهم يقولون : إنا أبو سعيديون! ولا يأخذون العشور ، ولا الربا ، ولهم عبيد كثيرون ثلاثون ألف ، فإذا احتاج أحدهم إلى بناء ولا يقدر عليه أمروا بعض العبيد فيبنون له ولا يأخذون منه شيئاً. ولا مسجد لهم ولا صلاة ولا جمعة ولا خطبة! ولا خمور ، ولكن بها دور البغاء علناً! ولحومهم من كل شيء حتى الحمير والكلاب برؤوسها! وعُملتهم من الخزف (٢)!
وقال المسعودي : في سنة (٢٨٧ ه) خرج أبو سعيد الجنابي إلى هجر فحاصرها ، وخرج إليه من البصرة العباس بن عمرو الغنوي (البحراني) في جيش عظيم ومعه خلق من المطوّعة إلى هجر فالتقى هو وأبو سعيد ، فكانت بينهم وقائع ، انهزم فيها أصحاب العباس واسر هو وسبعمئة من أنصاره ، فقتلوهم صبراً! سوى من هلك منهم عطشاً في الرمل فأحرقت الشمس أجسادهم ، ثمّ منّ أبو سعيد على العباس الغنوي فأطلقه ، وعاد إلى حصار هجر حتى افتتحها بعد حصار طويل (٣).
__________________
(١) أعلام هجر للسيد هاشم الشخص ١ : ٨٩ ، ٩٠.
(٢) أعلام هجر ١ : ٩٤ ـ ٩٧.
(٣) مروج الذهب ٤ : ١٧٦.