قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه (١) ، قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه (٢) ، وإنما الأمور ثلاثة ، أمر بين رشده فمتبع ، وأمر بين غيه فمجتنب ، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عزوجل قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ».
__________________
فهو ، والغرض عدم الترافع إلى قضاة الجور.
وقوله « اختلفا فيما حكما » قال المولى رفيعا أي اختلافهما في الحكم استند إلى اختلافهما في الحديث وقوله عليهالسلام « أصدقهما في الحديث » أي من يكون حديثه أصح من حديث الاخر بأن يكون ينقله من أعدل أو أكثر من العدول والثقاة وظاهر هذه العبارة الحكم بترجيح حكم الراجح في هذه الصفات الأربع جميعها ، ويحتمل الترجيح بحسب الرجحان في واحدة من الأربع أيها كانت ، وعلى الأول يكون حكم الرجحان بحسب بعضها دون بعض مسكوتا عنه ، وعلى الثاني يكون حكم تعارض الرجحان في بعض منها على الرجحان في بعض آخر مسكوتا عنه ، والاستدلال بالأولوية والرجحان بالترتيب الذكرى ضعيف والمراد أن الحكم الذي يجب قبوله من الحكمين المذكورين حكم الموصوف بما ذكر من الصفات الأربع ، ويفهم منه وجوب اختياره لان يتحاكم إليه ابتداء وان ترجيح الأفضل لازم في الصور المسكوت عنها ، ومن هنا ابتدأ في الوجوه المعتبرة للترجيح في القول والفتيا.
(١) أي فان الراويين لحديثكم العارفين بأحكامكم عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه.
(٢) أجاب عليهالسلام وبين له وجها آخر في الترجيح بقوله « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك » أي المشهور روايته بين أصحابك فيؤخذ بأشهرهما رواية ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه أي المشهور في الرواية لا ريب فيه لان المناط غلبة الظن بصحة الخبر واستناد الحكم بالخبر الصحيح.