قال مصنف هذا الكتاب ـ رحمهالله ـ : ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته في أول هذا الباب من قضاء رسول الله صلىاللهعليهوآله في رجل باع نخلة واستثنى نخلة فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ، لان ذلك فيمن اشترى النخلة مع الطريق إليها (١) ، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها (١).
__________________
يأبى عن البيع والمعاوضة ، وأما إذا تخلف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل كشجرة التفاح أو زرع أو بناء أو كان الأرض غير مسكونة لاحد وكان الداخل يستأذن إذا دخل أو يرضى بعوضه أو عوض ثمرته فهو خارج عن مدلول الحديث ، ويمكن تعميم الحكم بالنسبة إلى كل شجرة غير النخل والى الزرع والبناء ، والاضرار بأمور أخرى غير عدم الاستيذان وأما إذا لم يضر واستأذن أو رضى بعوض فوق قيمته فجواز قلع الشجرة أو هدم الدار ممنوع ، و بالجملة القدر المسلم حرمة اضرار الغير الا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ففرط في حفظها وتضرر بتفريطه في الحفظ. فيجوز أن يعمل في ملكه عملا يضر جاره ، وعلى الجار أيضا حفظ ملكه ثم إن الضرر مع حرمته لا يوجب لنا اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر ، مثلا إذا تلفت غلة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمة المستأجر من مال الإجارة ، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله إلى مكان آخر ضررا لا يجوز لنا المنع من اخراجه وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات ولا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضررا وكذلك لا يحلل به المحرمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضررا ويجب في كل مورد من موارد الضرر اتباع الأدلة الخاصة به.
(١) حق العبارة « فيمن كانت له النخلة مع الطريق إليها » لان استثناء النخلة ليس بشرائها مع طريقها وإن كان في حكم ذلك ، ففي العبارة مسامحة ، ويمكن حمل فعل النبي (ص) على أن سمرة لما لم يسمع قول رسول الله (ص) ولم يرض من نخلته بثلاثة من عذق الجنة استحق ذلك ولا بعد فيه ، وأيضا ما مر من أن لصاحب النخلة الدخول والخروج وغير ذلك لا ينافي وجوب الاستيذان وان وجب الاذن على صاحب الحائط عنده ، ولا بعد أيضا في أن صاحب النخلة ان لم يرض بالاستيذان وكان ينظر إلى ما يكرهه صاحب الحائط استحق أن يقلع نخلته لدفع الاضرار. وقال سلطان العلماء : يمكن الجمع بأنه صلىاللهعليهوآله لما علم أن غرض سمرة الاضرار والعناد والنظر إلى أهل الرجل أمر بقلع نخلتها كما يشعر به قوله عليهالسلام « ما أراك الا مضارا » بعد الالتماس منه بخلاف ما سبق ، فلا منافاة.