قال عبد العظيم : فقلت له : يا ابن رسول الله ما معنى قوله عزوجل « فمن اضطر غير باغ ولا عاد [ فلا إثم عليه ] » قال : العادي السارق ، والباغي الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصرا في صوم ولا صلاة في سفر (١).
قال : فقلت : فقوله عزوجل : « والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم » قال : المنخنقة التي انخنقت بأخناقها حتى تموت ، والموقوذة التي مرضت وقذفها المرض حتى لم يكن بها حركة ، والمتردية التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت ، والنطيحة التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت وما أكل السبع منه فمات ، وما ذبح على النصب على حجر أو صنم إلا ما أدرك ذكاته فيذكى (٢).
قلت : « وأن تستقسموا بالأزلام » (٣)؟ قال : كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا
__________________
من احتففت الشئ إذا أخذته كله كما تحف المرأة وجهها من الشعر ، ويروى « ما لم تجتفئوا » بالجيم ، وقال في باب الجيم مع الفاء : ومنه الحديث « متى تحل لنا الميتة؟ قال : ما لم تجتفئوا بقلا » أي تقتلعوه وترموا به ، من جفأت القدر إذا رمت بما يجتمع على رأسها من الوسخ والزبد. وقال في باب الخاء مع الفاء « أو تختفوا بقلا » أي تظهرونه ، يقال : اختفيت الشئ إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته ـ انتهى ، وقال الطيبي : « تحتفوا بها » أي بالأرض أي ألزموا الميتة ، و « أو » بمعنى وأو فيجب نفى الخلال الثلاث حتى تحل لنا الميتة ، و « ما » للمدة أي يحل لكم مدة عدم اصطباحكم ـ انتهى. أقول : في بعض نسخ الفقيه بالواو في الموضعين فلا يحتاج إلى تكلف ، وعلى الحاء المهملة يحتمل أن تكون كناية عن استيصال البق هذا شايع في عرفنا على التمثيل فلعله كان في عرفهم أيضا كذلك.
(١) رواه العياشي في تفسيره ج ١ ص ٧٥ عن حماد عن أبي عبد الله عليهالسلام.
(٢) في التهذيب « الا ما أدركت ذكاته فذكى ».
(٣) في القاموس : الزلم ـ محركة ـ : قدح لا ريش عليه.