ينفذوا ما جعل الله من ذلك لهم ، بل دحروهم دحورا ، ونصبوا لهم دونه العداوة سرا وجهرا ، وقد جعله الله لأوليائه رزقا ، وحكم لهم به حكما حقا ، فغلب عليه الفاجرون ، وظلموهم فيه ظلما.
وقال سبحانه : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) [الحشر : ٧]. فكان الذي أتى به صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أنزل الله في وحيه من فرائضه ، وقسمه فيه في أوليائه من خلقه ، فخالف على ذلك الفاجرون ، ورفضوا ما جاء به خاتم النبيين من الله رب السماوات والأرض (٢٧٨) ، فجعلوه دولة بين أغنيائهم ، وحرموه من جعله الله له من فقرائهم ، عماية وصمما ، ومجاهرة لله وظلما ، فأخذوا ما جعل الله لغيرهم ، وتعدوا ما حكم الله به فيهم. ولا يشك من كان لبه سالما ، وكان بأمر الله عالما أنهم على ذلك معذبون ، وأنهم على مخالفته فيه مسئولون.
فكيف يقول الحسن بن محمد : إن الله رزق هؤلاء الظالمين المعتدين الفاسقين رزقا ، ثم صيره لهم وسلمه في أيديهم ، ثم يعذبهم عليه ، ويحاسبهم فيه؟ أم كيف يجترئ ويقول : إن الله رب العالمين والسماوات والأرض ، جعله لمن حكم له به من ضعفة المسلمين ثم انتزعه منهم فجعله رزقا للأغنياء الفاسقين دونهم؟ فكيف يكون ذلك والله سبحانه يقول : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ)؟ أو لم يسمع من ضل وغوى فقال على خالقه بالقول الردي الله سبحانه كيف يقول في الوحي المذكور في كتابه المسطور : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [النساء : ١٠] ، فعلم أن في خلقه من سيأكل أموال اليتامى عدوانا وظلما فنهاهم عن ذلك ، وحرمه عليهم ، وحكم بعذاب السعير لمن استجاز ذلك فيهم. أفيقول المبطلون إن الله سبحانه جعل أموال اليتامى لمن نهاه عن أكلها رزقا ، ثم نهاهم عن أكل ما رزقهم وآتاهم؟ لقد قالوا على الله كذبا ،
__________________
(٢٧٨) في (ب) : والأرضين.