الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران : ١٦٦] ، فقال : خبرونا عن الإذن وإنكاركم أن يكون الله أذن في المعاصي. فقل : الإذن من الله على وجهين : فإذن أذن فيه أمر يأمر به ؛ وإذن أذن فيه إرادة منه أن يكون لما يشاء من أمره. وما كان من معصية فلا تكون إلا بإذنه ـ وكذلك أظنه (٣٢٩) ـ وذلك إرادة منه. فإن قالوا : نعم ؛ فقد أقروا بنفاذ أمره وإرادته ، وإن جحدوا وأنكروا ، فإن الله قد أكذبهم في كتابه ، فقال للمؤمنين : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) ، يعني بذلك ما أصابهم من القتل والهزيمة. وإنما كان ذلك تأييدا للكافرين ، فقد أذن الله للكافرين أن ينالوهم بما أصابوهم من القتل والجراح والهزيمة. فإن زعموا أن إذن الله أمره ، فقد زعموا أن الله أمر بالمعاصي ، وأمر المشركين أن يقتلوا المؤمنين ، وكل مأمور إذا فعل ما أمر به فهو مطيع وله عليه أجر ، والكتاب يكذبهم ، وإن زعموا أن إرادته على وجهين : على وجه الأمر ، والآخر على وجه الإرادة ، فقد أقروا بالحق ، وفي ذلك نقض لقولهم ورد عليهم ، فقد زعموا أن الله يريد أن يكون ما لا يأمر به ولا يرضاه.
تمت مسألته
جوابها :
وأما ما قال ، وعنه بجهالته سأل ، من قول الله تبارك وتعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) ، فقال : إن ذلك عنده من الله إذن للكافرين فيما نالوه من الرسول والمؤمنين في يوم أحد من القتل ، وما نالوا به حمزة رحمهالله من المثل (٣٣٠) ، وما نالوا به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من الجراح ، وما اجترءوا على الله فيه وعليه من هشم
__________________
(٣٢٩) انظر كيف اتبع الظن.
(٣٣٠) قال في اللسان : مثلت بالقتيل ، إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه ، والاسم : المثلة.