وكذلك قالوا في جميع الفرائض المفروضة والفروع المتفرعة ، فزعمت هذه الأمة ، أو من قال بذلك منها ، أن ما كان في الكتاب ناطقا موصولا فهو من الله فرض مفترض ، وما كان من تفريع الأصول وتمييز ما ميز صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفصول فإنه منه لا من الله ، وأنه فعله لا فعل الله ، ثم سموا ذلك الفرع سنة ، وأخرجوا معنى السنة من الفريضة ، وتوهموا أن ذلك كما قالوا ، ولم يعلموا ما عليهم في ذلك حتى حكموا به وسموه كذلك ، فلما عظم الأمر ، وجل الخطر ، ورأينا الهلكة واقعة بهم ، والضلالة شاملة لهم ، رأينا أن نفسر معنى قول القائل سنة ، ونشرح ما السنة ، وكيف كان تفريع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما فرع من الأصول المنزلة التي جاءت في كتاب الله سبحانه مجملة ، فقلنا :
إن رسول الله عليهالسلام لم يكن ليخترع أمرا دون الله سبحانه ، وأنه كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم حين يقول : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [الأنعام : ٥٠] ، وكما قال عليهالسلام حين يقول : (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [ص : ٨٦] ، ونقول إن الله سبحانه لم يكل شيئا من ذلك إلى نبيه يبتدعه ولا يشرعه ولا يفرضه ولا يثبته ؛ إذا لقد كلفه الله شططا من أمره ، وألزمه معوزا من فعله ، بل القول في ذلك المبين ، والحق البين اليقين أن الله سبحانه ، وجل عن كل شأن شأنه ، أصل أصول فرائضه في الكتاب المبين ، ونزله على خاتم النبيين ، فجعل في كتابه أصول كلما افترضه من الدين ، وبينه لجميع العالمين ، فكانت أصول الدين في الكتاب كلها ، وجاءت الفصول مفصولة والفروع المفرعة إلى النبي عليهالسلام من الله ذي الجلال والإكرام على لسان الملك الكريم جبريل الروح الأمين ، فنزل بشرائع الدين وتفريع أصول القرآن المبين على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما نزل عليهالسلام بالأصول إليه ، وكان نزوله بالفروع مفرعة ، كتروله بالأصول المجملة المجتمعة ، وأدى جبريل الروح الأمين إلى محمد خاتم النبيين فروع شرائع الدين ، عن الله رب العالمين ، كما أدى مجملات أصول القرآن المبين.
والسبب في تفريق ذلك من الله ، فنظر من الله لبريته ، وعائدة على خلقه ، ولطف في