فقالت : بولادة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبمعرفتهم بذي الجلال والإكرام ، وبالورع الذي جعله الله قواما للإسلام ، وبالمعرفة بالحلال عند الله والحرام ، وبما يحتاج إليه في الدين جميع الأنام ، وبأخذ الحق وإعطائه ، وبقلة الرغبة في الدنيا ، والزهد في دار الفناء ، وبالرغبة والمحبة لدار البقاء ، وبكشف الروس ، وتجريد السيوف ، ورفع الرايات لله وفي الله عزوجل ، والمنابذة لأعداء الله ، وبإظهار الدعاء إلى الله ، والغضب لله والرضا ، وإقامة الدار ، والدعاء إلى الواحد القهار ، وإحياء الكتاب والسنة ، وإقامة الحق والعدل في الرعية ، والاطلاع على غامض كتاب الله ووحيه ، الذي لا يطلع عليه إلا من قلده الله السياسة ، وحكم له بالإمامة دون غيره ، فآتاه الحكمة ، وخصه بالفضيلة ، وأكمل له النعمة ، وجعله له على الخلق حجة ، وبالشجاعة عند اللقاء ، والصبر في البأساء والضراء ، وبالجود والسخاء ، مع النصفة للأولياء.
فصدقناها فيما احتجت به من الأمر الذي يجب به من الله سبحانه الإمامة لأهلها ، ويتأكد لهم به من الله عزوجل فرض الطاعة على خلقه. فلمّا أن أجمعنا نحن وهي على أن من كانت فيه هذه الخصال ، وثبت له ما ذكرنا في كل حال ، فقد وجبت له بحكم الله الإمامة ، وتأكدت له بفرض الله على الخلق الطاعة ، أوجبنا على أنفسنا المحنة فامتحناها فيما أجمعنا نحن وهي وغيرنا عليه من الشروط التي تجب بها الإمامة وتثبت بها لأهلها على الخلق الطاعة ، فلم نجدها ولله الحمد عن ذلك منصرفة ، ولا منه معوزة ، بل وجدناها به قائمة ، وبالتسمية به مستحقة (٤٧٢) ، فأجبناها إلى ما دعتنا إليه ، وأعناها بكليتنا عليه ، فصدقناها ولله المن بعد المحنة به. ولك ، يا أبا عبد الله ، أكرمك الله ، علينا من الحجة والسؤال والمحنة مثل الذي كان لنا على أنفسنا ، فانظر من ذلك معنا بمثل ما نظرنا نحن به مع أنفسنا ، فإن وجدت ما وجدنا وشهد عقلك لك في أمرنا بمثل ما شهدت به عقولنا لأنفسنا ، فقد حق لك ما طلبت ، وصح لك ما عنه سألت ، وجاءتك من نفسك البينات ، وأنارت لك من ذلك النيرات. وإن لم تجد الشروط التي نشهد نحن وأنت وكل المسلمين
__________________
(٤٧٢) (وللشهرة به مستحقة) ساقط من (ب).