بالوصية حينئذ ، فقالوا : كانت الوصية من علي بن الحسين إلى ابنه محمد ، ومن محمد إلى جعفر ، ليموهوا به على الناس ، فضلوا وأضلوا كثيرا ، وضلوا عن سواء السبيل ، اتبعوا أهواء أنفسهم ، وآثروا الدنيا على الآخرة ، وتبعهم على قولهم من أحب البقاء وكره الجهاد في سبيل الله.
ثم جاء قوم من بعد أولئك فوجدوا كلاما مرسوما في كتب ودفاتر ، فأخذوا بذلك على غير تمييز ولا برهان ، بل كابروا عقولهم ، ونسبوا فعلهم هذا إلى الأخيار منهم ؛ من ولد رسول الله عليه وعليهمالسلام ، كما نسبت الحشوية ما روت من أباطيلها وزور أقاويلها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ليثبت لهم باطلهم على من اتخذوه مأكلة لهم ، وجعلوهم خدما وخولا ، كما قال الله عزوجل في أشباههم : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ) [الأعراف : ١٦٩].
وكذلك هؤلاء الذين رفضوا زيد بن علي وتركوه ، ثم لم يرضوا بما أتوا من الكبائر ؛ حتى نسبوا ذلك إلى المصطفين من آل الرسول ؛ فلما كان فعلهم على ما ذكرنا ، سماهم حينئذ زيد روافض ، ورفع يديه فقال : «اللهم اجعل لعنتك ولعنة آبائي وأجدادي ولعنتي على هؤلاء الذين رفضوني ، وخرجوا من بيعتي ، كما رفض أهل حروراء علي بن أبي طالب عليهالسلام حتى حاربوه.»
فهذا كان خبر من رفض زيد بن علي وخرج من بيعته.
وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال لعلي بن أبي طالب : «يا علي ، إنه سيخرج قوم في آخر الزمان ، لهم نبز يعرفون به ، يقال لهم : الرافضة ، فإن أدركتهم فاقتلهم ، فإنهم مشركون ، فهم لعمري شر الخلق والخليقة.».
وأما الوصية فكل من قال بإمامة أمير المؤمنين ووصيته ، فهو يقول بالوصية ، على أن الله عزوجل أوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين ، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين ، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي ، ثم الأئمة فيما بينهما.